مع الشروق .. في تونس... شعب يحميها - عرب بريس

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق .. في تونس... شعب يحميها - عرب بريس, اليوم الثلاثاء 7 يناير 2025 11:40 مساءً

مع الشروق .. في تونس... شعب يحميها

نشر في الشروق يوم 07 - 01 - 2025

2339829
يتوهّم البعض أن السيناريو الذي حدث في سوريا قابل للاستنساخ في تونس. وبدأت بعض الأبواق والغربان الناعقة تنظّر للخراب. وبدأ بعض الأصوات المبحوحة والممجوجة يبشر بالفوضى وكأنما كان تخريب الأوطان وتدميرها وتقديمها لقمة سائغة لقوى الاستكبار العالمية وجهة نظر يمكن قبولها أو تبريرها تحت هذا المسوّغ أو ذاك.
هؤلاء ينسون أولا أن سيناريو سوريا هو وليد ظروف وبيئة خاصة بالشعب السوري. وبأن ما حدث في هذا البلد الشقيق ثانيا جاء نتيجة سياسات وتوجهات لم تصغ كما يجب الى أصوات التغيير ولم تقرأ المشهد السوري والاقليمي والدولي بالشكل الصحيح والمناسب الذي كان يمكن أن ينفّس الأوضاع المحتقنة منذ أزيد من عشر سنوات وان يُجنّب بالتالي الزلزال الذي حدث والذي أفضى إلى تدمير الدولة السورية ومؤسّساتها وإلى تحطيم الجيش السوري بأسلحته ومقدراته. وتقديم البلاد بالتالي لقمة سائغة تتقاذفها وتتجاذبها القوى والأطماع الاقليمية والدولية. وفي طليعتها الكيان الصهيوني الذي باتت قواته تقف على مشارف دمشق وتركيا التي باتت ترتع وتمرح في سوريا وتعيد تشكيلها على هوى مصالحها وعلى هوى أطماعها وأحلامها العثمانية هذا دون نسيان أمريكا التي تدير خيوط اللعبة من وراء الستار وتدفع باتجاه تشكيل مشهد سوري جديد على مقاسها وعلى مقاس أطماع الكيان الصهيوني.
لكل هذه الاعتبارات فإن المشهد السوري أو بالأحرى الزلزال السوري غير قابل للتكرار أو الاستنساخ في تونس كما يحلم ويتوهم بعض أصحاب الأنفس المريضة وبعض الحاقدين على الوطن وعلى التونسيين والحالمين بعودة عجلة التاريخ إلى الوراء. ففي تونس شعب متماسك وراء قيادته. وفي تونس شعب غيور على وطنه وجاهز للذود عنه بالغالي والنفيس وفي تونس شعب واع ومدرك لمَا يدور حوله في الاقليم وفي العالم. وفي تونس شعب متنبّه لما يحاك من مخطّطات ومؤامرات ودسائس لتدمير البلدان العربية وتشريع أبوابها لعودة الاستعمار ولمصادرة استقلال شعوبها وانتهاك سيادتها الوطنية.
الشعب التونسي جرّب القادمين من وراء البحار تماما كما جرّب العراقيون القادمين على ظهور الدبابات وكما جرّب الليبيون «ثوار الناتو».. واكتوى طيلة عشرية كاملة بكل نيران الفساد والخراب.. وأدرك طبيعة الأجندا التي قذفت بهؤلاء إلى أعلى هرم السلطة في لحظة تاريخية مجنونة. كما أدرك طبيعة المهمة التي كلفوا بها والمتمثلة في تدمير تونس وتحطيم مؤسّساتها وارتهان سيادتها واستباحة خيراتها. وبالتالي فإن الشعب التونسي بات على بيّنة من حقيقة وطبيعة ما يجري حوله وبالتالي فإنه بات محصّنا ضد كل هذه الرياح الخبيثة وضد كل هذه المناورات القذرة التي تركب عناوين برّاقة وجذّابة من قبيل نشر قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان لتنفذ إلى عمق الدولة وإلى عمق الوطن فتدمّر الأولى وتخرّب الثاني وتسلّم مفاتيح البلاد للدوائر والقوى الاستعمارية التي كشفت كل أوراقها وباتت تعلن عن نواياها في إحياء الحقبة الاستعمارية.
قبل عقود طويلة جرّب معنا الاستعمار وركب قيما من قبيل نشر العلم ومقاومة الجهل والفقر ونشر «قيم الرجل الأبيض». وقد كشفت التطورات أن تلك لم تكن إلاّ عناوين للخداع ولم تكن إلاّ رَكُوبَةً ركبها المحتل لاستباحة وطننا ونهب خيراتنا. ومن هنا فإن الشعب التونسي اكتسب من الوعي والنضج ما يكفي لتسفيه كل الأحلام المريضة وللتشكل في وحدة وطنية صمّاء على جدرانها تتكسّر كل النعرات وكل المؤامرات وكل المخططات الاستعمارية. وقد أصاب رئيس الدولة في توصيف المعركة الحالية ونعتها ب«حرب التحرير الوطنية» لأنها بالفعل حرب تحرير ثانية تخاض بأدوات مغايرة تبدأ بالوعي والنضج وعدم الانسياق وراء الحملات المغرضة وشعاراتها البرّاقة وتنتهي بتقديم ضريبة الدم حين يدعو الداعي إلى مقاومة المخططات الاستعمارية وفداء الوطن بالروح والدم.
عبد الحميد الرياحي

.




أخبار ذات صلة

0 تعليق