مقاومة سورية في الجنوب السوري - عرب بريس

0 تعليق ارسل طباعة
جو 24 :

 

 

أينما يوجد احتلال من الطبيعي أن تخلق مقاومة له لدحره وطرده من قبل أهل البلاد الأصليين ، تلك حقيقة لا تخطئها عين عند كل الشعوب والأمم ، ولم تكن منطقتنا العربية بمعزل عن هذه الحقيقة. فمنذ أن دخل العالم العربي تحت الاحتلال البريطاني والفرنسي والايطالي مطلع القرن الماضي تشكلت حالة مقومة مسلحة ضده حتى طرده وزواله وتحقق استقلال الدول، زالت كل الاحتلالات وبقي الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين كآخر ما تبقى من احتلال لأرض عربية، قامت في وجه هذا الاحتلال الثورات الفلسطينية المتتالية منذ الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م حتى معركة طوفان الاقصى اليوم.

في لبنان عام 1982م جرى الاجتياح الاسرائيلي للبنان وصولاً إلى بيروت واحتلالها الدائم لجنوب لبنان، أدى ذلك الى نشأة حزب الله كمقاومة اسلامية لهذا الاحتلال الذي بقي حتى دحره عام 2000م.

بمعنى أن الاحتلال هو الذي يولد المقاومة، وأن المقاومة سببها الاحتلال، وانه لا تحرر من الاحتلال من دون مقاومة تقراعه وتهزمه. تلك حقائق مستقرة يخبرنا عنها التاريخ بوضوح .

اليوم تقوم دولة الكيان الصهيوني بالتمدد في الدول العربية ضمن عقيدتا الدفاعية الجديدة بعد 7 أكتوبر والتي تقوم على البقاء في نقاط تمركز داخل دول الجوار التي تشعر بأنها تشكل حالة تهديد لأمنها في غزة و جنوب لبنان والجولان وجنوب سوريا، وتريد من هذا التمدد والتمركز أن توجد عمق استراتيجي وعسكري يحبط أي محاولة مستقبلية للهجوم عليها على غرار ما جرى في 7 أكتوبر المجيد، ولذلك تماطل وتتهرب من استحقاق التفاوض على المرحلة الثانية لوقف اطلاق النار لأنه يتضمن مسألة الوقف الدائم للحرب ومسألة الانسحاب الكامل من قطاع غزة، وهذا مالا تريده قيادة الكيان الصهيوني، فهي لاتريد وقف دائم للحرب وتريد أن تتمركز عسكريا داخل القطاع .

في سوريا ومنذ سقوط نظام الأسد قام الجيش الاسرائيلي بالتمدد في الجولان وأعالي جبل الشيخ حتى بات على مسافة 20كلم من العاصمة دمشق. وأمس نفذ الجانب الاسرائيلي غارات على نقاط محددة في الجنوب السوري و احتل مزيداً من المناطق في ريف درعا ، جرى ذلك على وقع تهديدات متتالية من المستوى السياسي من نتنياهو و وزير حربه بأنهم لن يسمحوا بتواجد للجيش السوري الجديد في الجنوب السوري كله من الجولان مروراً بدرعا وصولاً الى السويداء. الجانب الصهيوني يريد في جنوب سوريا منطقة عازلة منزوعة السلاح حتى لا تشكل له أي تهديد مستقبلي من أي نوع .

في حين نرى ردة فعل متواضعة نسبيا من قبل الإدارة السورية الجديدة، ويعطي الكثير من المتابعين والمراقبين العذر لهم بحجة أن الوضع السوري الجديد بعد سقوط الاسد لا يسمح بمجابهة الاحتلال الاسرائيلي والتمدد المستمر في الأراضي السورية ، وأنّ سوريا الجديدة تحتاج الآن الى إعادة الإعمار والبناء في جميع الجوانب العسكرية والأمنية والاقتصادية وحتى على المستوى الطائفي والاجتماعي تحتاج الى بناء الثقة واعادة اللحمة الوطنية .

باعتقادي أن الاستسلام لهذه الفرضيات يشكل خطأ استراتيجياً كبيراً إذا ما استمرت الإدارة السورية الجديدة بالمضي به .

اذا لم يكن الجيش السوري الجديد قد تشكل بعد وقوي عوده لحماية الأرض السورية من الاحتلال الاسرائيلي باعتبار أن هذه مهمة الجيوش الأساسية، وهذا صحيح، ولكن هذا لا يعني عدم استفادة الإدارة السورية الجديدة من تجارب الآخرين من خلال اللعب بثنائية الجيش والمقاومة، بمعنى خلق مقاومة شعبية سورية في جنوب سوريا بأسرع وقت تضرب مواقع تمركز الاحتلال الإسرائيلي على الأرض السورية ولا تعطيها فرصة الاستقرار والبقاء دون كلفة أو دفع ثمن.

إن المراهنة على الانسحاب الاسرائيلي من الأراضي السورية بالعمل الدبلوماسي والسياسي واللجوء الى المحافل الدولية هو عبارة عن وهم وذر للرماد في العيون إن لم يسنده فعل مقاوم على الأرض .

وإذا اراد السوريون الانتظار لحين بناء الدولة السورية الجديدة التي ستستمر لعقد من الزمن على أقل تقدير فان دولة الكيان الصهيوني تكون قد ابتلعت الجنوب السوري بطريقة أو بأخرى، وعبثت بالمكونات الطائفية والاجتماعية فيه، بل وامتدت يدها إلى كل أنحاء سوريا من المكون الكردي شرق الفرات الى المكون العلوي على الساحل السوري ، ولن تترك لسوريا الجديدة فرصة لالتقاط الأنفاس مادامت تشعر من جهتها بالخطر أو ترى بأنها تشكل منطقة نفوذ تركي جديد.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق