نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : أمريكا تثور على ترامب.. والعرب نيام؟! - عرب بريس, اليوم الثلاثاء 18 فبراير 2025 11:25 مساءً
نشر في الشروق يوم 18 - 02 - 2025
الشارع الأمريكي غاضب من ترامب ومجموعة من النواب باشروا تحركا لترجمة هذا الغضب وصولا إلى عزل ترامب حيث عمت المظاهرات الغاضبة 50 ولاية أمريكية وبدأ النواب الديمقراطيون تحرّكا سيفضي لو وصل الى مداه إلى عزل الرئيس الأمريكي الذي بات يشكل حسب رأي هؤلاء وأولئك تهديدا مباشرا لمصالح الولايات المتحدة وللاستقرار العالمي. كل هذه التحركات تأتي على خلفية مقترح ترامب بتهجير سكان غزة والسطو على القطاع لإقامة مشروع استثماري كبير.. حيث يتهم الأمريكيون رئيسهم بالسعي إلى ممارسة التطهير العرقي استكمالا لجريمة الابادة الجماعية التي ينفذها حليفه نتنياهو منذ أزيد من 15 شهرا.
تحرك الشعب الأمريكي وتحرّك النواب الأمريكيين يشكلان علامة مضيئة لأنهما يشيان بدرجة كبرى من الحسّ الانساني المرهف ويترجمان درجة عليا من التضامن مع قضية الشعب الفلسطيني المظلوم علاوة على أن هذين التحركين يساهمان في محو الصورة السلبية التي يحملها شعب العالم عن الولايات المتحدة.. فقد أقاما الدليل على أن الشعب الأمريكي بحسّه الإنساني وبانحيازه لقيم الحق والعدل شيء وأن حسابات الادارة الأمريكية المرتهنة للصهيونية والتي تخلصت من كل القيم الانسانية الكونية من مقتضيات العدل والقانون شيء آخر..
الشعب الأمريكي والنواب الأمريكيون الذين انخرطوا في هذا الحراك الخيّر يريدون إقامة الدليل على أن هناك «أمريكا» أخرى بصدد التشكل. أمريكا بعيدة عن نوازع الهيمنة والامبريالية. أمريكا متحررة من كل قيود الصهيونية ومن لعبة وسطوة اللوبيات وبورصات السياسة.
هذا الحراك الخيّر جدير بالتنويه والتقدير ويستحق دعوات كل الخيّرين في العالم بأن يبلغ مداه ويحدث التغيير المرجو على أداء وعلى سلوك وتوجهات أكبر امبراطورية في العالم تطرح على نفسها مسؤولية زعامة العالم وتحاول التأثير في كل كبيرة وصغيرة داخله. وهي مسؤولية ستبقى منقوصة ما لم تقم على قيم الخير بدل الشر والحق بدل الظلم والعدل بدل الجور.. فقد سادت قبل أمريكا امبراطوريات وقوى عظمى لكنها بادت واندثرت بفعل اندفاعها إلى الهيمنة والتوسع وبفعل ابتعادها عن منظومة القيم التي تبني ولا تهدم.. لكن هذا الحراك الأمريكي الخيّر وبقدر ما يسعد شعوبنا في المنطقة العربية وبقدر ما يلثج صدورنا المشحونة بالقهر بقدر ما يطرح علينا من أسئلة الحيرة. أسئلة مؤدّاها: أين الشعوب العربية من هذا الحراك الذي تباشره الجماهير الأمريكية ضد ترامب وضد مشروعه الاستئصالي الاجرامي؟ وأين نواب البرلمانات العربية من حراك نظرائهم في مجلس النواب الأمريكي والذين وصلت بهم الجرأة والحماسة لقيم الحق والعدل الى حدّ التحرك لعزل الرئيس؟ سؤالان يلدان سؤالا آخر أكبر.. سؤال يدور حول موقع غزة وحول موقع القضية الفلسطينية لدى شعوبنا ونخبنا ونوابنا وقياداتنا... سؤال يقول: أين تقع غزة ؟ هل تقع على حدود أمريكا حتى يتحرك الأمريكيون لنصرتها قبلنا ؟ وهل تعني القضية الفلسطينية الشعب الأمريكي (مع تقديرنا وتثميننا لتحركاته) قبل شعوب تجمعها العروبة والدين واللغة والانتماء مع الشعب الفلسطيني؟ وهل تقع غزة على كوكب آخر حتى تتظاهر بأننا لا نرى ولا نسمع ؟
إنها أسئلة مطروحة أمام الشعوب والنواب والنخب العربية عساها تستفيق من غفوتها وتدرك بأن قضية فلسطين وقضية غزة هي قضية كل العرب.. وأنها هي المحك وامتحان الحقيقة الذي سوف يحدد مستقبل العرب ومستقبل المنطقة العربية. وهو ما يجعل من مسألة نصرة غزة والانتصار للقضية الفلسطينية والدفاع عنها مسألة بقاء وقضية حياة أو موت لكل المنطقة ولكل الشعوب العربية.. وإما النجاة للجميع وإما أن يجرف الطوفان الجميع.
عبد الحميد الرياحي
.
0 تعليق