مع الشروق .. تعدّد «اللّجان» و«الهيئات» و«الوكالات» .. إهدار للجهود والمال العام - عرب بريس

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق .. تعدّد «اللّجان» و«الهيئات» و«الوكالات» .. إهدار للجهود والمال العام - عرب بريس, اليوم الخميس 6 فبراير 2025 11:25 مساءً

مع الشروق .. تعدّد «اللّجان» و«الهيئات» و«الوكالات» .. إهدار للجهود والمال العام

نشر في الشروق يوم 06 - 02 - 2025

2343208
تعاني تونس منذ سنوات من ظاهرة تعدّد الهياكل العمومية التي تهتم بقطاع واحد، وتكون عادة على شكل هيئات أو لجان أو وكالات أو إدارات أو مؤسّسات عمومية أو دواوين وغيرها من التسميات. وهو ما يمثل إهدارا للجهود وللمال العام باعتبار أن كل هيكل يحتاج موارد بشرية خاصة به ومقرات وتجهيزات ونفقات ويكون خاضعا لنظام قانوني خاص ، في حين ان تجميع الهياكل التي تعمل في قطاع واحد داخل هيكل مُوحّد يمكن ان يوفر الجهد والمال. كما أن التوحيد يؤدي أيضا الى النجاعة والسرعة في تحقيق الأهداف المطلوبة ويسهل عملية المراقبة والتفطن الى الإخلالات التي قد تحصل ويقع تحميل المسؤولية لطرف واحد بدل تبادل رميها بين عدة أطراف عند حدوث إخفاق أو تقصير.
هياكل عمومية مختلفة التسميات والأشكال تنشط ضمن قطاع واحد. وتتنافس أحيانا في ما بينها (تنازع الاختصاص) وتكون الأفكار والرؤى ومناهج العمل مختلفة من هيكل إلى آخر. وهو ما يمكن ملاحظته في عدة قطاعات. والغريب في الأمر أنه في بعض الأحيان تكون الهياكل التي تنشط ضمن القطاع نفسه خاضعة لإشراف وزارات مختلفة وخاضعة لأنظمة قانونية وأنظمة تسيير وأنظمة محاسبية وقواعد مراقبة مختلفة عن بعضها البعض. كما تختلف في ما بينها على مستوى التأجير والامتيازات الممنوحة لمسؤوليها والعاملين فيها أو على مستوى الميزانيات المرصودة لها. وكل ذلك يزيد في حالة الارتباك في عملها ويعطل تحقيق الأهداف المرجوة منها.
ومن المنتظر ان يكون القانون الجديد للاستثمار الذي وقع استعراضه يوم الثلاثاء في مجلس وزاري خطوة أولى هامة لتوجّه جديد للدولة يقوم على مراجعة التنظيم الإداري داخل بعض القطاعات من خلال توحيد الهياكل العمومية التي تنشط في القطاع نفسه ضمن هيكل وحيد. حيث نص مشروع هذا القانون على توحيد ما لا يقل عن 7 أو 8 هياكل مختلفة تُعنى بالتشجيع على الاستثمار داخل هيئة واحدة تسمى "الهيئة العليا للاستثمار". وهو ما سبق ان أشار إليه رئيس الدولة منتقدا مسألة تعدد الهياكل في مجال التشجيع على الاستثمار. ومن شأن ذلك أن يضع حدا لتعدد الهياكل في هذا القطاع الهام وتوحيد التدخلات وترشيد النفقات وتحميل المسؤولية لطرف وحيد بدل تشتّت المسؤوليات.
وفي مجال المصادرة واسترجاع الأموال المنهوبة، تنشط منذ 2011 عدة لجان. لكن عملها لم يحقق الأهداف المرجوة منها، وهو ما كشفته زيارة رئيس الجمهورية أول أمس الى مقرات بعض هذه اللجان والتي انتقد فيها "تعدد اللجان وتفرعها"... حيث توجد لجنة المصادرة بوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية ولجنة التصرّف في الأموال والممتلكات المعنيّة بالمصادرة أو الاسترجاع لفائدة الدّولة بوزارة المالية. كما توجد شركة الكرامة القابضة للتصرف في مساهمات الدولة المباشرة وغير المباشرة في الشركات المصادرة وكذلك لجنة تصفية أموال وممتلكات حزب التجمع المنحل ولجنة استرجاع الأموال الموجودة بالخارج والمكتسبة بصورة غير مشروعة. فلو كان عمل هذه اللجان مُوحّدا منذ البداية داخل هيكل وحيد لكان أكثر نجاعة وسرعة وتحملا للمسؤولية ...
ولا يقتصر الامر على ملف الاستثمار أو المصادرة واسترجاع الاموال المنهوبة. بل توجد قطاعات أخرى تنتظر توحيد عمل الهياكل الناشطة في كل واحد منها على غرار مجال الرقابة الادارية والمالية الذي تتعدد فيه الهيئات، وأيضا قطاعات البيئة والمحيط والطاقة والطاقات المتجددة والفسفاط ، وكذلك التجارة والتصدير والسياحة والفلاحة والرياضة والثقافة والتجهيز والصناعة وغيرها... ففي كل قطاع من هذه القطاعات، تنشط هياكل عمومية مختلفة التسميات والاشكال(هيئات ولجان ووكالات وإدارات ووحدات تصرف حسب الأهداف ومراصد ومؤسّسات عمومية ودواوين إلخ)، جهودها مشتّتة والنتائج المرجوة منها دون الانتظارات. وقد آن الأوان اليوم لأن يقع توحيد كل الهياكل المعنية بقطاع واحد ضمن هيكل مُوحّد ليكون عمله أكثر نجاعة وسرعة ومرونة وأكثر تحملا للمسؤولية ويمكن مراقبته بسهولة لتفادي الإخلالات والتقصير .
فاضل الطياشي

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق