نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عقوبات وتصنيفات.. سلاح واشنطن العاجز في مواجهة اليمن - عرب بريس, اليوم الاثنين 3 فبراير 2025 06:12 مساءً
بعد يومين فقط من تولّيه منصبه الرئاسي في 20 يناير/كانون الثاني، سارع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إدراج حركة “أنصار الله” ضمن ما يسمى قائمة “المنظمات الإرهابية الأجنبية”، مؤكدًا أنه سيوجه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى قطع علاقتها مع أي كيانات قدّمت مدفوعات للحركة.
وفي بيان رسمي، برر البيت الأبيض هذا القرار بالقول إن أنشطة حركة “أنصار الله” تشكل تهديدًا لأمن المدنيين والموظفين الأميركيين في الشرق الأوسط، كما تعرّض أقرب حلفاء واشنطن الإقليميين واستقرار التجارة العالمية للخطر، بحسب تعبيره.
يأتي هذا القرار في سياق حرب المصطلحات التي تخوضها واشنطن، حيث تستخدم مفهوم “الإرهاب” لتبرير تدخلاتها وتحقيق أهدافها، في حين أن الإرهاب الحقيقي ينبع من الغرب وثقافته التي تعمل على مسخ القيم والمبادئ.
وسائل إعلام ومراكز أبحاث أميركية أكدت أن قرار إدارة ترامب تصنيف “أنصار الله” منظمةً إرهابيةً يأتي امتدادًا لمسار الفشل الأميركي في مواجهة اليمن، لا سيما في معركة البحر الأحمر.
موقع “مينت برس” الأميركي حذّر من أن هذا القرار قد يدفع الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع اليمن، وهو تصعيد خاطئ، حيث لم تفلح الضغوط السياسية والعسكرية السابقة في ردع صنعاء.
وتحت عنوان “حربٌ لأجل أمريكا أم لإسرائيل؟“، نشر الموقع تقريرًا جاء فيه أن “الرئيس دونالد ترامب وقّع أمرًا تنفيذيًا يعيد تصنيف جماعة أنصار الله في اليمن باعتبارها منظمة إرهابية أجنبية، وتعهد بتفكيك قدرات الجماعة، وهو القرار الذي بدا متناقضًا مع موقفه المعلن المناهض للتدخل وخطاب (أميركا أولًا)”.
ووفقًا للتقرير، فإن “المنتقدين يقولون إن هذه الخطوة تضع الولايات المتحدة فعليًا على مسار نحو حرب مباشرة مع اليمن، وهي خطوة يفسرها كثيرون على أنها تتماشى مع مصالح إسرائيل أكثر من مصالح الولايات المتحدة”.
في هذا السياق، يتساءل تقرير نشره مؤخرًا موقع معهد كوينسي الأمريكي للأبحاث عما إذا كانت “إدارة ترامب تقوم بتكرار إخفاقات بايدن في التعامل مع أنصار الله”، مشيرًا إلى أن ترامب، الذي يسعى لتصوير نفسه أكثر صرامة من خلال هذا التصنيف، قد يواجه عواقب وخيمة، حيث يعتبر المعهد أن “التصعيد ضد اليمن سيكون خطوة كارثية”.
وأضاف المعهد أن اليمنيين “لم يتراجعوا بعد أكثر من عام من العمل العسكري الأمريكي، ومن غير المرجح أن يتغير رد فعلهم بشكل ملحوظ بعد تولي ترامب منصبه”.
تجلى هذا المأزق أيضًا في تصريحات نائب قائد القيادة المركزية الأمريكية، براد كوبر، نهاية الأسبوع الماضي، حول تعرض المدمرة الأمريكية “يو إس إس ستوكديل” لهجوم وصفه بـ “المعقد والمتطور والمنسق” في نوفمبر /تشرين الثاني الماضي. وأوضح كوبر أن المدمرة أطلقت صواريخ (إس إم-6) التي تتجاوز تكلفة الواحد منها 4 ملايين دولار للتصدي للهجوم، لكنها فشلت في اكتشاف طائرة مسيرة يمنية، واضطرت لاستخدام “المدفع” لمواجهتها. مما يعني أن الطائرة وصلت إلى مسافة قريبة جدًا من المدمرة، إن لم تكن قد أصابتها بالفعل. كما أضاف أن شظايا اصطدام الصواريخ الاعتراضية بالصواريخ اليمنية تسببت في إطلاق صواريخ اعتراضية أخرى.
هذه الحادثة تكشف بوضوح أن المأزق الذي واجهته الولايات المتحدة في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية لغزة لا يتعلق بنقص الضغوط السياسية والاقتصادية أو تقنيات وأدوات عسكرية يمكن تعويضها بخطوات مثل قرار “التنصيف”. بل يكمن في عجز جميع أدوات الضغط والتقنيات الأمريكية عن تحقيق أي تأثير ملموس على قدرات وقرار صنعاء، وهو أمر لا يزال مستمرًا حتى اليوم.
ومع التأكيد على انعدام أي تأثير فعلي لقرار التصنيف على الموقف اليمني وقدرات صنعاء، فقد حددت الأخيرة بدقة نطاق التأثيرات المحتملة لهذا القرار، إذ أكدت الحكومة أنه “لا يخدم مسار السلام في اليمن”، فيما حذرت وزارة الخارجية من “تداعياته السلبية على الوضع الإنساني”. وعلى الرغم من أن هذه التأثيرات تبدو متعمدة من قبل إدارة ترامب، فإنها تظل بعيدة عن تحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في تغيير موقف صنعاء أو تقويض قدراتها، بل إن مفاعيلها ستنعكس في الاتجاه المعاكس بلا أدنى شك.
الصحفي اليمني نجيب الأشموري أكد أن الموقف اليمني من التصنيف الأميركي يقوم على رفض أي خطوة مسيّسة تهدف للضغط على اليمن بغية تغيير موقفه الداعم للشعب الفلسطيني في غزة، والشعب اللبناني، وكل الشرفاء من أحرار الأمة.
واعتبر أن هذا القرار ليست له دوافع قانونية أو موضوعية، بل يسعى إلى إلحاق الضرر بالاقتصاد اليمني عبر استهداف أي رأس مال يتجه أو يصدر عن مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى، مما يجعله استهدافًا للشعب اليمني بأسره وليس لمكون أنصار الله فحسب. وبالتالي، فإن هذه خطوة عدائية ضد اليمن كدولة وشعب، تتجاوز الاستهداف السياسي لمكون معين.
وأضاف الأشموري في تصريح لموقع المنار أن المعركة اليوم تجاوزت ازدواجية المعايير الغربية والأميركية، إذ باتت واشنطن وحلفاؤها في اصطفاف واضح إلى جانب الصهيونية، حيث يقدمون كافة مقومات الصمود للكيان الإسرائيلي، الذي يواجه تصدعًا غير مسبوق بفعل معركة طوفان الأقصى، وهو ما أدى إلى إعادة ترتيب الوعي العربي والإسلامي تجاه الاحتلال، وإعادة المسألة إلى ما قبل خمسين عامًا.
وفي السياق ذاته، شدد الأشموري على أن جبهة الإسناد اليمنية أصبحت المتغير الاستراتيجي الأهم في المنطقة، حيث بدأت ملامح هذا التغيير مع انكسار الحملة العسكرية التي أعلنتها السعودية بدعم أميركي عام 2015. وأشار إلى أن سيد شهداء الأمة القائد السيد حسن نصر الله (رض) كان قد وضع الأمور في نصابها عند مواجهته الهجمة التكفيرية التي طالت سوريا والعراق، مؤكدًا أن أي جهد يُبذل في هاتين الساحتين لن يتجاوز إعادة الأمور إلى سابق عهدها، بينما المتغير الحقيقي والاستراتيجي أتى من اليمن، حيث أضافت صنعاء بعدًا نوعيًا لمحور المقاومة. وقد تجلى ذلك حينما سارع السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي إلى مباركة المعادلة التي أرساها السيد نصر الله، والتي تنص على أن المساس بالقدس والمقدسات يعني حربًا إقليمية، وهو ما تجسد فعليًا في معركة طوفان الأقصى.
وأوضح الأشموري أن القرار الأميركي الأخير يأتي في إطار الإقرار بفشل الخيار العسكري ضد اليمن على المدى المنظور، حيث تسعى واشنطن عبر العقوبات إلى إضعاف مقومات القوة اليمنية وفرض أزمات اقتصادية متزايدة. ومع ذلك، فإن الواقع يثبت أن اليمن تكيف مع الحروب وتأهل لمواقف أكثر تعقيدًا، لا سيما بعد أن كشفت المعركة البحرية الأخيرة هشاشة القوة الأميركية، حيث اضطر قادة واشنطن للإقرار بأنها المواجهة الأصعب للبحرية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية.
واختتم الأشموري تصريحه بالتأكيد على أن القرار الأميركي يعكس حالة الإرباك أمام التحولات الاستراتيجية في المنطقة، مشددًا على أن محور المقاومة، وفي القلب منه اليمن، بات رقمًا صعبًا في معادلات الصراع الدولي والإقليمي.
ولا يُعَدّ تصنيف “أنصار الله” جديدًا في السياسة الأميركية، فقد سبق أن وضعها ترامب نفسه على قائمة “الجماعات الإرهابية” في أواخر ولايته الرئاسية الأولى عام 2020، ثم ألغى خلفه جو بايدن هذا التصنيف لتسهيل وصول “المساعدات الإنسانية” إلى اليمن.
يمثل القرار الأميركي بإعادة تصنيف “أنصار الله” كمنظمة إرهابية امتدادًا لاستراتيجية الفشل في كبح صعود اليمن كقوة فاعلة في معادلات الصراع الإقليمي. وبينما تحاول واشنطن فرض واقع جديد عبر العقوبات والتصنيفات، يثبت الميدان أن صنعاء تجاوزت هذه الأساليب، وفرضت معادلات ردع غيرت موازين القوى. إن رهان القوى الاستعمارية على كسر إرادة الشعوب الحرة بات خاسرًا، وما يجري اليوم يؤكد أن محور المقاومة، وفي القلب منه اليمن، لم يعد مجرد لاعب إقليمي، بل قوة استراتيجية تفرض حساباتها على الجميع.
المصدر: موقع المنار
0 تعليق