جائزة عادلة وتمكين أطفال السرطان - عرب بريس

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جائزة عادلة وتمكين أطفال السرطان - عرب بريس, اليوم الاثنين 27 يناير 2025 11:51 مساءً

مع كل جائزة وعند كل احتفال بتسليم جائزة، تحاصرني أسئلة عن الأثر غير المباشر والتأثير البعيد للجائزة حيث تكمن القيمة الحقيقية لأي جائزة، أما الأثر المباشر والقريب فهو بالتأكيد واضح ولا خلاف عليه. في تصوري أن القيمة الأبلغ والأقوى لأي جائزة هو مدى قدرة الجائزة على إحداث الأثر على المديين الزمنيين المتوسط والبعيد وعلى النطاق السكاني الجغرافي الواسع والأوسع، بصرف النظر عن قيمة الجائزة المادية والمعنوية وبصرف النظر عن عدد الفائزين.

الأسبوع الماضي وفي مقر مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري، احتفلت جمعية «سند» الخيرية لدعم الأطفال المرضى بالسرطان، بتكريم الفائزين بجائزة الأميرة عادلة في دورتيها الثالثة والرابعة، تحت رعاية وبحضور سمو الأميرة عادلة بنت عبدالله بن عبدالعزيز رئيسة مجلس أمناء الجائزة ورئيسة مجلس إدارة جمعية سند الخيرية لدعم الأطفال المرضى بالسرطان. وقد حضرها نخبة من رواد العمل الاجتماعي والإنساني ولفيف من رواد الثقافة والإعلام.

قد تكون جائحة كورونا شغلت الناس خلال السنوات الأخيرة، وأنستهم مرضاً عضالاً مثل مرض السرطان. فكما هو معلوم أن السرطان تتزايد الإصابات به، وتنتشر في بعض مناطق العالم؛ نتيجة لتغير نمط الحياة والسلوكيات الفردية والمؤثرات البيئية، لكن السرطان ينحسر ويتراجع في مناطق ومجتمعات أخرى من العالم؛ نتيجة لارتفاع الوعي بين الناس، بجانب التقدم الطبي وتحسن وسائل العلاج والوقاية، بالإضافة للكشف المبكر، الأمر الذي يتطلب دائماً استشعار الحفاظ على التوازن سلوكياً و بيئياً وعدم الإخلال بهذه المعادلة.

وتعد المملكة من الدول الرائدة في مكافحة السرطان، من خلال العديد من المشافي ومراكز الأبحاث والمراكز الطبية المتخصصة، بجانب ريادة القطاع الصحي في المملكة في توفير واستخدام التقنيات الحديثة منها الإشعاعي والمناعي والجيني، ودعم الأبحاث المتعلقة بالسرطان ودراسة الأسباب الجينية للسرطان، والتشخيص المبكر وبرامج الدعم النفسي في مختلف مناطق المملكة؛ وذلك تحقيقاً لأهداف رؤية 2030 في تحسين جودة الرعاية الصحية في علاج الأمراض المزمنة والصعبة.

التحدي الذي يفرضه مرض السرطان، يكمن في حالة الهلع والخوف التي يصاب بها المريض نفسياً من هول الصدمة التي كثيراً ما تكون أسوأ بكثير من المرض نفسه. و تزداد الحالة سوءاً عندما يكون المصاب بهذا المرض طفلاً، حيث تنقلب حياة الأسرة برمّتها جحيماً، وحيث تتغيّر أولويات الأسرة وترتبك علاقاتها البينيّة نفسياً واجتماعياً واقتصادياً، فيصبح الأبوان مريضين مع طفلهما كما تصبح بقية الأسرة أسيرةَ المرض وحالة المريض. فمواعيد المشفى خاصة إذا كانت تتطلب سفراً، وعدم انتظام الطفل بمدرسته والخوف على مستقبله التعليمي، بل عدم انتظام إخوة الطفل بالمدرسة، بجانب اضطراب انتظام عمل الأبوين ووضع الأسرة الاقتصادي، كل هذه العوامل وغيرها تضع الأسرة بكاملها على المحك وتحت طائلة اختبار صعب قد تنجح الأسرة باجتيازه ويتخطاه طفل السرطان بإذن الله.

طفل السرطان وأسرته بحاجة للتّمكين. فأطفال السرطان وأسرهم يرتبطون بمنظومة من المؤسسات؛ الأسرة والمشفى والمدرسة، والربط بين هذه الأطراف يتطلب وعياً وممارسةً مهنيةً وإنسانيةً استثنائية؛ وذلك لكي يؤتي العلاج ثماره ويتعايش الطفل وأسرته مع الحالة بنجاح ويحسنوا التغلب عليها والخروج منها أكثر نضجاً وبحيث يصبح كل طفل سرطان وكل أسرة داعمة قصة نجاح يجدر بنا تعميمها؛ ليستفيد منها كل مصاب سرطان وكل أسرة مصاب في المستقبل. ومن هنا يأتي دور جائزة الأميرة عادلة، التي قدّمت للمجتمع نماذج من الأطفال الذين صارعوا المرض فآمنوا وتقبلوا وتعايشوا مع المرض وقدّمت أسر أطفال السرطان التي استطاعت أن تتصرف وتتعامل بوعي وإصرار ومسؤولية ونضج مكّنها من تجاوز المحنة وتخطيها لها بإذن الله.

إن أبرز ما يميز هذه الجائزة أنها تستهدف روّاد العمل العلمي والعمل الإنساني في مجال مكافحة مرض السرطان، بجانب استهداف الجائزة الأطفال المصابين وأسرهم. كما تستهدف الجائزة أفضل المتطوعين والمتطوعات الذين قدّموا ويقدّمون وقتهم وجهدهم واهتمامهم لهذه الفئة من المجتمع، بجانب تكريم الجائزة للممرضين والممرضات الذين تعاملوا ويتعاملون بمهنية وإنسانية مع مرضى السرطان من الأطفال ويؤازرونهم وذويهم بالرعاية والتعامل السامي والإنساني، تماماً مثلما أن هذه الفئة بحاجة للعلاج والرعاية الطبية. شكراً لهذه الجائزة وجمعية سند وكل الجمعيات التي عملت ولا تزال تعمل بمهنية وإنسانية للوقوف بجانب مرضى السرطان وأسرهم الداعمة لهم.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق