هكذا نجنى بأيدينا انتهاك براءة أطفالنا - عرب بريس

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هكذا نجنى بأيدينا انتهاك براءة أطفالنا - عرب بريس, اليوم السبت 11 يناير 2025 12:03 مساءً

في أعماق كل طفل، يولد معه احتياج فطري للأمان والحنان والاحتواء، وهو ما يجعله ينظر إلي والديه كملاذ أمن يحميه من قسوة ومجهول العالم الخارجي، فالآباء هم البوصلة الأولي التي توجه حياة الطفل، وهم المسؤولون عن بناء أسس شخصيته وثقته بنفسه منذ اللحظات الأولي، فيبدأ هذا الدور برعاية احتياجاته الأساسية، مروراً ليشمل تعزيز شعوره بالخصوصية، وصولاً لتأصل فيه احترامه لحقوقه واستقلاليته وثقته بنفسه بداية من طفولته حتي الكبر.

ويأتي الدور الهام لأعظم مخلوقة عند كل طفل وهي الأم، الملاذ الحقيقي والحضن الدافئ والحائط السد المنيع لأي انتهاكات تحدث للطفل، فهي غالباً الحضن الأول لطفلها عندما يشعر بالخوف أو الحاجة إلي الطمأنينة، دورك لا يقتصر علي الرعاية الجسدية فقط، بل يمتد ليشمل حماية خصوصية طفلك من أي انتهاك أو استغلال، فأنت الصوت الذي يدافع عنه ضد أي محاولة للتعدي علي براءته أو التنمر عليه أو تسليط الضوء من قبل جميع طوائف المجتمع عليه وتعرضه لانتقادات وسخرية من كل من هب ودب، فالطفولة ليست مادة قابلة للتداول، بل هي أمانة ومسئولية تستحق الاحترام والحفاظ عليها بكل السبل الممكنة.

عندما يستخدم الطفل كأداة لتحقيق المكاسب المادية او الشهرة يتحول الطفل البريء إلي ( نجم صغير ) يتوقع من تقديم محتوي جذاب ومستمر، هذا الضغط المستمر قد يدفع الطفل للشعور بالإرهاق النفسي والعاطفي مما يحرمه من عيش طفولة طبيعية بريئة مليئة بالحرية واللعب.

والآثار السلبية لهذه الظاهرة على الأطفال تتمثل 1) فقدان الخصوصية وبمجرد أن تنشر حياتهم على الإنترنت، يفقد الأطفال حقهم في خصوصيتهم، فالصور والمقاطع قد تظل متاحة للأبد وتستخدم بطرق غير أخلاقية من قبل الغرباء، 2) ضغوط الشهرة قد يجبر الأطفال على التظاهر بالسعادة أو أداء مشاهد معينة مما يسبب لهم توتراً وضغوطاً نفسية، 3) مشكلات مستقبلية عندما يكبر هؤلاء الأطفال قد يواجهون صعوبة في تقبل الطريقة التي تم استغلالهم بها وقد يؤثر ذلك على علاقتهم مع والديهم والمجتمع ككل، 4) التنمر فبمجرد نشر المحتوى يكون الأطفال عرضة للتعليقات السلبية والتنمر مما يؤثر على تقديرهم لذاتهم.

فيجب أن تكون هناك قوانين تنظم استخدام صور الأطفال ومقاطع الفيديو ومشاركتهم في المحتوى الرقمي، وتعزيز الوعى بين الآباء حول مخاطر نشر محتوى أطفالهم وتأثير ذلك على حياتهم المستقبلية، ويجب أن يركز الآباء على حماية طفولة أبنائهم وترك الحرية لهم لتحديد هويتهم بعيداً عن ضغوط الكاميرات.

إن استغلال الأطفال لتحقيق مكاسب مادية عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعد انتهاكا صارخ لحقوقهم الإنسانية، فالأطفال ليسوا أداة لتحقيق الشهرة والارباح، بل هم أفراد يستحقون الحب والأمان والرعاية ومنحهم الخصوصية لهم في مراحل أعمارهم الأولي حق أصيل لابد أن يحصلوا عليه من جانب الآباء والامهات، فإذا كان ثمن الشهرة والتربح المادي ضياع الطفولة، فإن هذا الشعور المزيف والمؤقت بنشوة الشهرة والنجاح يكون سبب في تدمير الطفل والقضاء علي شخصيته ومحو براءته التي تكون سبب في نجاته في الكبر وإن حمايتهم من هذه الظاهرة ليست مجرد واجب قانوني بل هي مسئولية أخلاقية يجب أن يتحملها المجتمع بأسره.

هذه الظاهرة تحتاج إلى وقفة جادة، مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعى برزت هذه الظاهرة وهى مشاركة الآباء لمقاطع فيديو وصور لأبنائهم بهدف التربح، ففي بداية الأمر بدأت بمشاركة عفوية لكنها سرعان ما تحولت إلى صناعة متكاملة، حيث أصبح الأطفال نجوماً صغاراً على السوشيال ميديا وتحولت حياتهم اليومية إلى محتوى مدر للأرباح، فكثيراً ما يسخر أولياء الأمور براءة الصغار لكسب المتابعين وجنى الأرباح فينشأ هؤلاء الأطفال وسط أضواء الكاميرات وعالم الرقمنة غير المحدود غير مدركين لتأثير هذا الاستغلال على خصوصيتهم وصحتهم النفسية.

بينما يبدو استخدام الأطفال في صناعة المحتوى على السوشيال ميديا طريقة سهلة لجنى الأرباح، فيطرح سؤال من المسئول عن حماية حقوق هؤلاء الأطفال الشخصية والنفسية، والتحدي اليوم هو تحقيق التوازن بين الاستفادة من التكنولوجيا وحماية براءة الأطفال من طغيان الجشع الرقمي، ففي الوقت الذى تبدو فيه السوشيال ميديا فرصة ذهبية للربح والشهرة يجب أن يتذكر الآباء أن أطفالهم أمانة بين أيديهم، الطفولة هي مرحلة لا تعوض، ومن واجب كل أب وأم أن يحموها من الاستغلال المادي والمعنوي قبل نشر أي صورة أو مقطع فيديو، فيجب أن يتذكروا أن نجاحهم الحقيقي لا يقاس بالأرباح بل بحماية طفولة أبنائهم، والقرار في النهاية ليس فقط بيد الآباء بل بيد مجتمع يسعى لحماية قيمه ومستقبله.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق