كيف يُحدث الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في مجال تعديل الجينات؟ - عرب بريس

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف يُحدث الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في مجال تعديل الجينات؟ - عرب بريس, اليوم الخميس 6 مارس 2025 12:30 صباحاً

يُعدّ الطب والعلوم الحيوية من أكثر المجالات التي تستفيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي، نظرًا إلى اعتمادها على كميات كبيرة من البيانات وحاجتها إلى الدقة والسرعة. ويُعد تعديل الجينات أو التحرير الجيني (Genome Editing) من أكثر المجالات الطبية التي سيؤثر فيها الذكاء الاصطناعي بنحو كبير في المستقبل؛ إذ يمكنه إحداث تحولات ثورية في تحسين دقة العملية وسرعة إنجازها. 

ما تعديل الجينات؟

تعديل الجينات هو إجراء تغييرات دقيقة في تسلسل الحمض النووي لأي كائن حي، بهدف المساعدة في علاج بعض الأمراض. وعلى مدى العقود الماضية، شهد هذا المجال تقدمًا كبيرًا مكّن العلماء من تحقيق إنجازات طبية غير مسبوقة. ومع ذلك، ما يزال هناك الكثير لاكتشافه عن إمكانيات تعديل الجينات، ويُتوقع أن يكون الذكاء الاصطناعي الخطوة التالية الكبرى في هذا المجال.

كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في تطوير تعديل الجينات؟

بدأ الباحثون بالفعل باستخدام الذكاء الاصطناعي في مجال تعديل الجينات، وقد وفرت هذه التقنية مجموعة من المزايا، أبرزها:

تحسين دقة عملية تعديل الجينات

من أهم فوائد الذكاء الاصطناعي في مجال التحرير الجيني تحسين الدقة؛ إذ إن تحديد العلاقات بين الجينات والتغيرات الجسدية يُعد أمرًا معقدًا وعرضة للأخطاء. وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي في تحليل هذه العلاقات بدقة عالية.

على سبيل المثال: في عام 2023، طوّر العلماء نموذجًا قائمًا على التعلم الآلي استطاع تحديد كون الطفرات الجينية ضارة أو غير ضارة بدقة تصل إلى 90%، مما ساعد الأطباء في معرفة الجينات التي تحتاج إلى تعديل لمنع تطور أمراض خطيرة.

بالإضافة إلى ذلك، يعتمد نجاح تعديل الجينات على فهم العلاقات المعقدة بين الحمض النووي (DNA) والبروتينات، إذ تُعد البُنية الصحيحة للبروتينات أمرًا أساسيًا في تعديل التسلسلات الجينية. وأظهرت الأبحاث الحديثة أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تحليل 49 مليار تفاعل بين البروتينات والحمض النووي؛ مما يساهم في تطوير آليات تحرير أكثر دقة لمجموعات جينية معينة.

تسريع الأبحاث في علم الجينوم

بالإضافة إلى تحسين الدقة، يساعد الذكاء الاصطناعي أيضًا في تسريع الأبحاث الجينية؛ إذ يمكن لنماذج التحليل التنبئي محاكاة التفاعلات بين المواد الجينية المختلفة بسرعة تفوق الاختبارات التقليدية، مما يوفر وقتًا وجهدًا كبيرين للعلماء.

وقد ظهر تأثير هذا الاستخدام بوضوح في تطوير لقاحات كوفيد-19، فقد ساعد الذكاء الاصطناعي شركات الأدوية في تسريع الأبحاث. على سبيل المثال: تمكنت شركة Moderna من إنتاج واختبار أكثر من 1000 شريط من الحمض النووي الريبي (RNA) شهريًا، مع أن الطرق اليدوية التقليدية لم تكن لتنتج سوى 30 شريطًا فقط خلال المدة نفسها. ولولا سرعة التعلم الآلي، لكان تطوير اللقاحات استغرق وقتًا أطول بكثير.

الطب الشخصي (العلاج المخصص لكل فرد)

من أكثر التطبيقات الواعدة للذكاء الاصطناعي في مجال تعديل الجينات هو الطب الشخصي؛ إذ يمكنه تحليل الجينوم الخاص بكل فرد بدقة عالية، مما يتيح إمكانية تصميم علاجات مخصصة لكل مريض لتحقيق أفضل النتائج الممكنة.

على سبيل المثال: بدأ الأطباء باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل التغيرات البروتينية في الخلايا السرطانية، مما يساعدهم في اختيار العلاجات المناسبة لكل حالة على حدة. كما يمكن لتحليل البيانات التنبئي أن يحدد كيفية استجابة المرضى المختلفين للعلاجات بناءً على تكوينهم الجيني الفريد، مما يساهم في تحسين الفعالية وتقليل الآثار الجانبية.

وعندما تتمكن أنظمة الرعاية الصحية من تقديم علاجات مصممة خصوصًا لكل مريض، فإن ذلك يؤدي إلى تقليل المخاطر وتحقيق نتائج علاجية أفضل؛ مما يعزز فرص نجاح العلاجات الجينية.

التحديات المحتملة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مجال تعديل الجينات

حتى مع الفوائد الكبيرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، فإن هناك بعض التحديات التي يجب أخذها بالحسبان، وأبرزها:

التكلفة المرتفعة

تُعد العلاجات الجينية مكلفة كثيرًا؛ إذ يمكن أن تصل تكلفة بعض العلاجات إلى 3.5 ملايين دولار لكل علاج. وإضافة الذكاء الاصطناعي إلى هذه التقنيات قد يزيد من التكلفة، مما يجعل هذه العلاجات غير متاحة للعديد من الأشخاص.

يثير هذا الحاجز المالي مخاوف أخلاقية، فقد تصبح العلاجات الجينية مقتصرة على الأثرياء؛ مما يزيد من الفجوة في جودة الرعاية الصحية بين الفئات الاجتماعية المختلفة. ومع ذلك، من المُتوقع أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تقليل التكاليف أيضًا، إذ يمكنه تسريع الأبحاث وتقليل الأخطاء؛ مما قد يؤدي إلى زيادة الكفاءة وتقليل التكاليف بمرور الوقت.

مخاوف تتعلق بالسلامة والدقة

تمثل موثوقية الذكاء الاصطناعي مصدر قلق، فحتى مع دقته العالية، فإنه مُعرّض للخطأ، والاعتماد المفرط عليه قد يؤدي في بعض الأحيان إلى أخطاء حرجة، تتسبب بعواقب صحية خطيرة.

بالإضافة إلى ذلك، قد تعاني بعض نماذج الذكاء الاصطناعي مشكلة التحيز، بسبب البيانات التي دُرّبت عليها. على سبيل المثال: أظهرت بعض الأنظمة الخاصة بالكشف عن سرطان الجلد دقة أقل بنسبة قدرها 50% عند تشخيص المرضى ذوي البشرة الداكنة مقارنة بذوي البشرة الفاتحة، مما قد يؤدي إلى أخطاء تشخيصية تؤثر في قرارات تعديل الجينات.

الخاتمة

يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مجال تعديل الجينات؛ إذ يساهم في تحسين الدقة، وتسريع الأبحاث، وتطوير الطب الشخصي، مما قد يؤدي إلى تطوير علاجات أكثر فعالية للأمراض المستعصية. ومع ذلك، فإن التحديات المتعلقة بالتكلفة والسلامة والتحيزات ما تزال تشكل عقبات يجب التعامل معها بعناية لضمان استخدام هذه التكنولوجيا بطريقة عادلة وآمنة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق