نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رئيس التحرير يكتب: game over .. مصر تبدع فى لعب الشطرنج - عرب بريس, اليوم السبت 22 فبراير 2025 01:16 مساءً
فقد وجد اللاعب المتسرع أن اللاعب المصرى يبدع فى تحركاته ونقلاته وردود أفعاله فوق رقعة الشطرنج، والتى كانت مفاجئة وغير متوقعة، ظناً منه بأن اللاعب المصرى مثل أى لاعب واجهه من قبل أو سوف يواجهه مستقبلاً، فكانت النقلات المتتالية من المصرى التى أكدت أن اللعب مع المصريين يختلف شكلاً ومضموناً عن اللعب مع أى شعب آخر فى العالم كله، وأنه يجب التفكير كثيراً والاستعداد جيداً قبل اللعب مع المصريين، وعدم إطلاق تصريحات عنترية تهدد وتتوعد مصر والمصريين قبل انطلاق دور الشطرنج حتى لا يجد اللاعب المتسرع أو أى لاعب آخر نفسه فى موقف الضعيف ويضطر للاستسلام والتراجع عن عنترياته ويندم على تسرعه ويعترف بالفشل والهزيمة أمام اللاعب المصرى.
كلنا يعلم أن الدول غير المتوافقة فى الرؤى والتوجهات والسياسات تتعامل مع بعضها البعض تماماً كما يتعامل لاعبا الشطرنج، فيمثل تحرك دولة ما نقلة من نقلات قطع الشطرنج، ويمثل التحرك المقابل من الدولة الأخرى نقلة مقابلة على رقعة الشطرنج، ويحاول كلا اللاعبين أن ينفذ خطة محكمة تضمن له الفوز بدور الشطرنج فى نهاية المباراة.
غالباً يبدأ دور الشطرنج بما يمكن أن نطلق عليه "جس النبض" من كل لاعب بعد تحريك أول "عسكرى" لمعرفة رد فعل اللاعب المقابل، وقد يفاجأ أحد اللاعبين بهجوم كاسح وغير متوقع من اللاعب الآخر، من خلال "نقلة" تنم عن خطته بتنفيذ هذا الهجوم بهذا الشكل لإخافة وإرباك الخصم لإنهاء الدور مبكراً، وحتى يظن الخصم أنه أمام لاعب ماهر لن يستطيع معه صبراً، فيصاب بالذعر والخوف والارتباك وربما اتخذ رد فعل خاطئاً يفيد من يظن أنه لاعب ماهر فى نقلته التالية مما قد يؤدى إلى إنهاء الدور مبكراً وتحقيق ما أراده، اعتماداً على الضغط النفسى والخنق المعنوى الذى تتم ترجمته فى شكل تصرفات خاطئة تكون سبباً فى الهزيمة وإنهاء الدور لصالح من مارس الإرهاب المعنوى على اللاعب المقابل.
أما فى حالتنا فقد فوجئ اللاعب "المتسرع"، و"المتعجرف" بلاعب مصرى ماكر وذكى ومبدع ومتمكن وهادئ وعلى درجة عالية من المهارة، وسبق له الفوز ببطولات متتالية فى اللعبة ذاتها أمام خصوم كثيرين، كما وجده مستعداً للقائه، لأنه ببساطه درسه تماماً،ودرس عقليته ونفسيته وأفعاله واستعد له جيداً، وتوقع تصرفاته وتحركاته، ونقلاته فكانت ردود أفعال اللاعب المصرى بتحركات سريعة، متلاحقة، حاسمة، مفاجئة، أذهلت "المتسرع، المتعجرف" الذى ظن أنه لاعب ماهر يمتلك قواعد اللعبة بمفرده، فإذا باللاعب المصرى ينفذ حركات ونقلات لم تكن فى حسبانه، نقلات وتحركات تنم عن فكر وتخطيط عال، وخبرة كبيرة، واتقان، وإجادة، وفهم لكل قواعد اللعبة، فلم يكن أمام "المتسرع،المتعجرف" سوى التوقف ومحاولة توقع النقلة التالية من "اللاعب " المصرى، الذى يتحرك على اتساع رقعة الشطرنج شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً فى حركات ونقلات أربكت حسابات اللاعب المتسرع، ولم يسعفه تفكيره أو يهده للصواب فاستمر فى غيه، وكلما نفذ "نقلة" لإحدى قطع الشطرنج وجد نفسه محاصراً بنقلة أشد ذكاءً من اللاعب المصرى تزيد موقفه سوءاً، وتكشفه أمام المتابعين بأنه اتبع سياسة خاطئة أمام لاعب متمكن لا يهمه الصوت العالى ولا التهديدات ولا الضغوط، ولكنه يتصرف بهدوء وينقل كل قطعة على رقعة الشطرنج بحساب بعد تفكير واسع ليحقق لنفسه بكل نقلة مكسباً، ويكبد اللاعب المتعجرف خسارة.
كل هذا وما زال اللاعب المصرى لم يستخدم كل ما لديه من إمكانيات على رقعة الشطرنج، ولم يبد أسلحته الخفية، ولم يظهر قدراته الحقيقية، ولم ينقل نقلاته الحاسمة، وعلى الرغم من ذلك أعلن اللاعب المتعجرف التراجع والاستسلام، ويحاول الآن تجميل صورته بتصريحات أقل ما يقال عنها إنها اعتراف بالفشل والهزيمة أمام اللاعب المصرى فيما يشبه الاعتذار عما بدر منه من تهديدات وتصريحات عنترية قبل بداية هذا الدور من لعبة الشطرنج، لينتهى الشوط الأول من هذا الدور المهم على رقعة الشطرنج بفوز مصرى كاسح اعترف به اللاعب "المتسرع، المتعجرف" نفسه، وصفق له العالم أجمع.
عدد قليل من النقلات المصرية لقطع الشطرنج على الرقعة أتت ثمارها، وأظهرت إمكانيات المصريين وقدرتهم على التعامل مع الأخطار والتهديدات أياً كانت درجتها، ومصدرها، وتوقيتها، ولو زاد "المتعجرف" من تصرفاته غير محسوبة العواقب لواجه نقلات أشد ذكاءً ، ورد فعل أكبر وأقوى من اللاعب المصرى المحنك، الذى يتصرف بكل ثقة ويتحرك بكل ثبات، لا تهزه تهديدات جوفاء هنا أو تصريحات خرقاء هناك، مستعينا بالله وبدعم واصطفاف المصريين حوله لتحقيق النصر المبين على كل خصم لا يعرف قيمة مصر والمصريين ولا يعمل لهم حساباُ.
ولأن مصر تأخذ كل عبارة وكل تلميح وكل إيماءة وتهديد لأمنها القومى على محمل الجد وبدرجة عالية من الاهتمام والحذر مع التحرك العاجل لمواجهته، فقد تحركت مصر وبسرعة على جميع الاتجاهات وباستخدام ما لديها من قوة وتأثير دولى وإقليمى لصد الخطر وحماية أمنها القومى بكل قوة فكانت النتائج أسرع مما تخيل البعض، وكان التراجع السريع الذى شهده العالم أمس وعلى لسان اللاعب "المتعجرف" الذى قال بالحرف الواحد" لقد فشلت" فى إقناع مصر بخطتى، والآن أعتبرها مجرد نصيحة يمكن الأخذ بها أو لا.
لنراجع سويا بعض التحركات التى قامت بها مصر منذ إطلاق التهديد والوعيد من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشان غزة والفلسطينيين ومصر والأردن، وهذه التحركات يمكن أن نعتبرها كروت ضغط من الجانب المصرى و"نقلات" للقطع على رقعة الشطرنج لتحقيق هذا الفوز الكاسح الذى حققه اللاعب المصرى ببعض النقلات القليلة ، ولكنها كانت مؤثرة وخانقة وأمكنت مصر والمصريين من تحقيق فوز مستحق فى الشوط الأول من هذه المباراة من الشطرنج.
ـ اللقاء العاجل الذى جمع بين الرئيس السيسى والملك عبد الله ملك الأردن بالقاهرة والتواصل الدائم بين الدولتين للتنسيق فيما يخص خطة الرئيس الأمريكى ترامب، وتصريحات الملك عبد الله خلال لقائه ترامب فى البيت الابيض، وقوله إن مصر لديها اقتراح بشأن غزة فلننتظر حتى تعلنه، وفى ذلك إشارة مهمة بأن أى غالبية الدول العربية لن تتحرك فرادى بعد الآن ، وأن الشقيقة الكبرى تحظى باحترام وتقدير كل اشقائها العرب، وهذا فى حد ذاته كان أحد كروت الضغط المصرية على إدارة الرئيس ترامب.
ـ زيارة الرئيس السيسى لبعض الدول الأوروبية وآخرها إسبانيا والإعلان من هذه الدول عن الاتفاق على أنه لا حل للقضية الفلسطينية ولا لتحقيق الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط سوى بتنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ـ التواصل الدبلوماسى المصرى مع دول أوربية وأفريقية وآسيوية وإعلان الاتفاق على هذه الأسس ذاتها، ولعل أقوى كارت ضغط على الولايات المتحدة جاء من بريطانيا الحليف الأول والأقوى، التى أعلنت أحقية الفلسطينيين فى إعلان دولتهم المستقلة، وهو ما أثار استياء الولايات المتحدة وإسرائيل.
ـ الانتشار السريع للقوات المسلحة المصرية على ربوع مصر كلها وعلى الحدود الاستراتيجية للدولة وبصفة خاصة بأرض سيناء، مع الزيارات المستمرة للقائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والانتاج الحربى الفريق أول عبد المجيد صقر والفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة لأماكن تمركزات رجال القوات المسلحة سواء بالجيش الثانى أو الثالث أو المنطقة المركزية أو الجنوبية والشمالية والاطمئنان على جاهزية قواتنا المسلحة لتنفيذ أية مهام فى أى وقت وأى مكان للحفاظ على الأمن القومى المصرى كانت أحد أهم كروت الضغط على الولايات المتحدة، ومعها إسرائيل.
ـ الدعوة لعقد قمة عربية طارئة بالقاهرة يوم 27 فبراير ثم ترحيل الموعد بعد التشاور مع الأشقاء العرب إلى يوم 4 مارس حتى تؤتى القمة ثمارها، كان كارت ضغط آخر على الإدارة الأمريكية ورسالة بأن عرب اليوم غير عرب الأمس ، وأن مصر عندما تريد حشد تأييد عربى لدعم موقفها فإن ذلك لا يستغرق من الوقت سوى عدد دقائق إجراء اتصالات هاتفية مع الأشقاء من قادة الدول العربية.
ـ استجابة مصر والأردن والكويت والإمارات وقطر والبحرين لدعوة الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى للالتقاء فى اجتماع غير رسمى بالرياض على الرغم من تحديد موعد لقمة عربية بعد أيام ، مع عدم الإعلان عما دار فى هذا الاجتماع ونتيجته يعتبر أحد أهم كروت الضغط واتخاذ المواقف القوية لمواجهة التحديات الحالية والمستقبلية التى تواجهها الأمة العربية بأسرها.
ـ الاصطفاف الوطنى لكل فئات وأعمار الشعب المصرى خلف الرئيس السيسى لاستشعارهم الخطر الفعلى على الدولة المصرية وإحساسهم بأن وحدة المصريين هى السلاح الأقوى فى مواجهة أية تحديات، كان رسالة أخرى للولايات المتحدة الأمريكية ومن معها بأن مصر لا تنكسر ولا تخيفها تهديدات ولا مؤامرات فى ظل اصطفاف وطنى كان نموذجاً لكل شعوب العالم فى مواجهة التحديات.
ـ رفض الرئيس السيسى زيارة الولايات المتحدة إذا تم وضع بند تهجير الفلسطينيين على جدول المباحثات مع الرئيس الأمريكى، فهذا الرفض كان بمثابة ضربة قوية ونقلة شطرنج تعادل "أكل الوزير" على رقعة الشطرنج فأصبح "الملك" الخاص باللاعب المقابل وحيداً محاصراً بلا حول له ولا قوة ، وتبعت هذه الخطوة خطوات أخرى أدت إلى أن تتخذ مصر خطوتها الأكبر والأهم ، والتى جعلت اللاعب المصرى يعلنها بنظرة المبتسم الذى حقق الفوز دون أن يتكلم" كش ملك"،أو (game over) ،فانتهى هذا الدور من لعبة الشطرنج بفوز ساحق وباهر ومستحق للاعب المصرى الذى وقف العالم مشدوهاً يتفرج ويتعلم منه كيف ينفذ نقلاته وكيف يحقق نجاحاته وأهدافه بمنتهى الهدوء والثقة والثبات دون خسائر تذكر.
ـ الرد المصرى غير المعلن بأن قطع المعونة العسكرية عن مصر والذى تستفيد منه المصانع الأمريكية فى المقام الأول يعنى تعطيل بند من بنود اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل وبالتالى إلغاء الاتفاقية من أساسها مع ما يعنيه ذلك من العودة إلى الحرب مع إسرائيل، فالولايات المتحدة تعرف جيداً قبل إسرائيل أنه إذا حدثت مواجهة حالياً فإن النتيجة لن تكون فى صالح إسرائيل بأى حال من الأحوال وباعتراف جنرالات الجيش الإسرائيلى الهش أنفسهم، ذلك الجيش الذى انكشف ضعفه وأنهكته مواجهة الفلسطينيين العزل من السلاح خلال الأشهر القليلة الماضية.
وفى الوقت نفسه فإن اللاعب المصرى ما زالت لديه أوراق ضغط وكروت لعب ونقلات شطرنج لا حصر لها ولكنها ستظهر فى الوقت المناسب لتؤتى ثمارها المرجوة ، فلكل شوط خطته ولكل لعبة كروتها ولكل فعل رد فعل، ولكنه قد لا يكون مساويا له فى المقدار، بل قد يكون أضعاف مقداره، ولا مضاداً له فى الاتجاه فقط، فربما كان رد الفعل فى الاتجاه المضاد بالإضافة إلى اتجاهات أخرى تؤثر بشكل كبير وقوى على اللاعب القابع هناك فى الاتجاه المضاد.
ـ ما زال اللاعب المصرى لم يستخدم ورقة ضغط أو نقلة شطرنج "مقاطعة المنتجات الأمريكية فى مصر والدول العربية والإسلامية".
ـ لم يستخدم اللاعب المصرى ايضاً ورقة ضغط أو نقلة شطرنج "إعادة العلاقات الرسمية مع إيران"
ـ لم يستخدم كذلك ورقة ضغط أو نقلة شطرنج "قطع البترول عن الولايات المتحدة" بالاتفاق مع الأشقاء العرب.
ـ لم يستخدم ورقة ضغط أو نقلة شطرنج "نزول الشعب للشارع لتفويض الرئيس فى اتخاذ ما يراه مناسبا للحفاظ على الأمن القومى المصرى".
ـ لم يستخدم ورقة ضغط أو نقلة شطرنج "استخدام القوة العسكرية المصرية المفرطة والغاشمة ضد كيان الاحتلال".
هذه بعض كروت الضغط التى لم يتم استخدامها، ولكن هناك كروت ضغط أكثر قوة، وخطط لعب أكثر إبداعاً، ونقلات على رقعة الشطرنج أكثر تأثيراً، ولكنها مؤجلة لاستخدامها فى الأشواط المقبلة من أدوار الشطرنج، فإلى اللقاء فى اشواط مقبلة ستكون مبدعة، ومذهلة، وأكثر متعة وجمالاً يسر الناظرين.
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
0 تعليق