في خطوة قد تُسهم في التخفيف من معاناة المواطنين في محافظة تعز، أعلنت جماعة الحوثيين عن استعدادها لفتح الطريق الرئيسي الذي يربط مدينة تعز بمنطقة الحوبان (شرقي المحافظة) على مدار 24 ساعة يوميًا خلال شهر رمضان المقبل. ويُعتبر هذا الإعلان الأول من نوعه منذ سنوات طويلة من الصراع الذي أدى إلى إغلاق معظم الطرق الرئيسية في المحافظة، مما زاد من معاناة السكان وفاقم الأوضاع الإنسانية.

وفي بيان نُشر عبر منصة "إكس" فجر الأربعاء، أكد القائم بأعمال محافظ تعز المُعيَّن من قبل الجماعة، أحمد المساوى، أن "السلطة المحلية في المحافظة، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لها، مستعدة لاستمرار فتح طريق (الحوبان - الكمب) طوال اليوم خلال شهر رمضان المبارك". وأشار المساوى إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن ما وصفه بـ"واجب إنساني"، بهدف تسهيل حركة المواطنين وتوفير ظروف أفضل لهم، خاصة في الشهر الفضيل الذي يتطلب حرية أكبر في التنقل لأداء العبادات والقيام بالأنشطة الاجتماعية.

مبادرة إنسانية أم استراتيجية جديدة؟

الإعلان عن فتح الطريق الرئيسي لـ24 ساعة يوميًا يُعد خطوة لافتة في ظل الوضع الإنساني المتدهور في تعز، التي تعد واحدة من أكثر المحافظات اليمنية تضررًا جراء الحرب المستمرة منذ سنوات. وقد عانى سكان المدينة لسنوات طويلة من الحصار الخانق وإغلاق الطرق الرئيسية، مما أدى إلى صعوبة التنقل وارتفاع أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تكون ذات أبعاد إنسانية، لكنها قد تحمل أيضًا رسائل سياسية واستراتيجية من قبل الحوثيين. فقد يكون الهدف منها تحسين صورتهم أمام المجتمع الدولي، خاصة في ظل الضغوط المتزايدة لإنهاء الصراع في اليمن. كما أن توقيت الإعلان قبل شهر رمضان قد يكون مدروسًا للاستفادة من الزخم الشعبي والإنساني المرتبط بهذا الشهر الكريم.

دعوة للتعامل بعقلانية

وفي سياق متصل، دعا أحمد المساوى "الأطراف المعنية الأخرى" في مدينة تعز إلى التعامل مع هذه المبادرة بـ"عقلانية واهتمام"، مشددًا على أهمية التعاون لضمان تسهيل حركة المواطنين داخل المحافظة. وقال إن "نجاح هذه الخطوة يتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية لتحقيق الأهداف المرجوة منها"، في إشارة إلى الحاجة لتنسيق محتمل مع القوات الحكومية أو الجهات الأخرى الموجودة في المدينة.

ردود فعل متباينة

على الرغم من الترحيب النسبي بهذه الخطوة من قِبل بعض السكان المحليين، إلا أن هناك شكوكًا حول مدى التزام الحوثيين بتنفيذ هذا القرار بشكل كامل، خاصة في ظل التجارب السابقة التي شهدت انتهاكات وخروقات مماثلة. كما أن هناك مخاوف من أن تكون هذه الخطوة مؤقتة وأن يتم إغلاق الطريق مجددًا بعد انتهاء شهر رمضان.

من جانب آخر، لم تصدر حتى الآن أي تصريحات رسمية من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أو من التحالف العربي بشأن هذه المبادرة. ومع ذلك، يُتوقع أن تكون هناك ردود فعل قريبًا، خاصة إذا كانت هناك حاجة لتنسيق مباشر مع الحوثيين لضمان تنفيذ القرار على أرض الواقع.

معاناة مستمرة

تعز، التي كانت تُعرف سابقًا بأنها واحدة من أكثر المدن اليمنية حيوية وازدهارًا، تحولت إلى رمز للمعاناة الإنسانية جراء الحرب. فقد تسبب الحصار المستمر في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، حيث يعتمد السكان بشكل كبير على الطرق البديلة التي غالبًا ما تكون غير آمنة وغير صالحة للتنقل. كما أن انقطاع الإمدادات الغذائية والطبية زاد من معاناة السكان، خاصة النساء والأطفال وكبار السن.

إعلان الحوثيين عن فتح الطريق الرئيسي بين تعز والحوبان على مدار 24 ساعة خلال شهر رمضان يُعد خطوة مهمة قد تُسهم في تخفيف معاناة السكان، لكنها تحتاج إلى متابعة دقيقة لضمان تنفيذها على أرض الواقع.

وفي الوقت نفسه، يبقى السؤال حول ما إذا كانت هذه الخطوة ستكون بداية لإجراءات إنسانية أوسع، أم أنها مجرد مبادرة مؤقتة تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية وإعلامية.