تتواصل فعاليات النسخة الرابعة من مؤتمر “ليب 2025″، المقام في مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات بملهم، حيث يجمع نخبة من قادة التقنية، والمستثمرين، والخبراء الدوليين لاستكشاف آفاق الابتكار الرقمي، والاستدامة، والاقتصاد المعرفي، ودور التقنية في إعادة تشكيل القطاعات الحيوية.

وشهدت المنصة الرئيسية جلسة “حديث مع هيئة السوق المالية السعودية”، حيث استعرض معالي محمد القويز، رئيس مجلس هيئة السوق المالية، التطورات الكبرى التي شهدها السوق السعودي، والذي ارتقى إلى مصاف أكبر 10 أسواق مالية عالميًا بعد أن كان في المرتبة 25.

وأكد معاليه أن الإصلاحات التنظيمية عززت من جاذبية السوق، وساهمت في تحفيز الاستثمارات، خصوصًا في قطاع التقنية وريادة الأعمال، كما تناولت الجلسة التحديثات التشريعية التي منحت الشركات الناشئة مرونة أكبر، والتوسع في آليات التمويل، وزيادة عدد الطروحات العامة، حيث ارتفع عدد الإدراجات السنوية من 10 إلى أكثر من 40، مع تخصيص 60% منها لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، مما يعزز من بيئة الاستثمار الرقمي في المملكة.

وفي جلسة “البيانات – المادة الخام التي تغذي الذكاء الاصطناعي”، أكد فيجاي كارونامورثي، المدير التنفيذي للتقنية في Scale AI، أن البيانات هي العنصر الأساسي لأنظمة الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أهمية تطوير بنية تحتية متقدمة لإدارتها والاستفادة منها في قطاعات رئيسية مثل الرعاية الصحية والتعليم والخدمات المالية، كما أشاد بدور المملكة في تعزيز الابتكار الرقمي وتوفير بيئة داعمة لرواد الأعمال، حيث تبرز السعودية كأحد الأسواق الأكثر حيوية في تبني الحلول الذكية وتطوير تقنيات البيانات المتقدمة.

أما في جلسة “مستقبل التنقل والاستدامة”، فقد ناقش المتحدثون دور الذكاء الاصطناعي والتقنيات الذكية في تطوير المدن المستقبلية، حيث أشار بابلو سالسيدو، المدير التنفيذي للمنتجات الرقمية في مجموعة روشن، إلى أهمية التكامل بين تقنيات الاستشعار وإنترنت الأشياء (IoT) لتعزيز الاستدامة.

ومن جانبه، أكد نايف ششه، نائب المحافظ للاستراتيجية والرقمنة في هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، أن مشروع “ذا لاين” في نيوم يقدم نموذجًا عالميًا لأنظمة التنقل الذكي، حيث يعيد تعريف وسائل النقل الحضري ويوظف التقنية لتحقيق كفاءة أكبر واستدامة طويلة الأمد، كما أشار تافي رويفاس، رئيس مجلس إدارة Auve Tech، إلى أن الأتمتة والذكاء الاصطناعي سيغيران طريقة إدارة المدن، فيما أكد أيمن الفلاج، الرئيس التنفيذي لشركة ثقة، أن المركبات ذاتية القيادة أصبحت من أبرز المجالات الجاذبة للاستثمار، في ظل التوسع المتسارع لسوق التنقل الذكي في المملكة.
وفي جلسة “ما بعد الترفيه: إعادة تصور الألعاب الإلكترونية ومستقبل المملكة”، أكد الأمير فيصل بن بندر بن سلطان، رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، أن المملكة تسعى لأن تكون مركزًا عالميًا لصناعة الألعاب الإلكترونية، حيث تستهدف الاستراتيجية الوطنية خلق آلاف الفرص الوظيفية، واستقطاب الاستثمارات، وتعزيز البيئة الابتكارية، كما أعلن عن استضافة المملكة لأول أولمبياد للرياضات الإلكترونية في 2027 بالشراكة مع اللجنة الأولمبية الدولية، مما يعزز مكانتها كوجهة رئيسية لهذه الصناعة المتنامية.
من جانبه، أشار داني تانغ، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Hero Esports، إلى أن الرياضات الإلكترونية تحولت إلى قطاع أكاديمي ومهني متكامل، حيث بدأت الجامعات بتقديم برامج متخصصة، وإدراج مناهج جديدة حول تقنيات البث والإنتاج، مما يفتح آفاقًا واسعة أمام الأجيال القادمة.

أما د. خيزر خادري، المؤسس والمدير لـ Stanford Human Perception Lab، فقد تناول التأثير الإيجابي للألعاب الإلكترونية على تنمية القدرات الإدراكية وتعزيز مهارات التفكير النقدي، مشيرًا إلى أن التفاعل مع البيئات الافتراضية يمكن أن يُستخدم في تحليل البيانات البشرية، مما يساعد في توجيه الأفراد إلى الوظائف المناسبة وفقًا لمهاراتهم المكتسبة عبر اللعب.

ومع استمرار جلسات “ليب 2025″، يواصل المؤتمر استعراض أحدث الابتكارات التقنية وتأثيرها على القطاعات المختلفة، حيث يتطلع المشاركون إلى المزيد من الحوارات حول مستقبل الذكاء الاصطناعي، والتحولات الرقمية، وتطور المدن الذكية.

ويؤكد المؤتمر، من خلال نقاشاته المتنوعة ومشاركة نخبة من قادة التقنية عالميًا، التزام المملكة بتعزيز بيئة الابتكار وريادة الأعمال، مما يرسّخ مكانتها كوجهة عالمية للتقنية والاستثمار في المستقبل الرقمي.