محمد القرقاوي: من لا يتعلم من التاريخ سيكرر أخطاءه - عرب بريس

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
محمد القرقاوي: من لا يتعلم من التاريخ سيكرر أخطاءه - عرب بريس, اليوم الثلاثاء 11 فبراير 2025 11:42 مساءً

أكد وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات، محمد بن عبدالله القرقاوي، أن البشرية تمرّ اليوم بمرحلة مفصلية، بعد أن أكملنا 25 عاماً من الألفية التي شهدت تحولات كبرى، تقنية واقتصادية واجتماعية، وقال إن الـ25 عاماً الماضية كانت عاصفة بأحداثها، ولكنها كانت أيضاً مدهشة بتغيراتها وتحولاتها، مجدداً تأكيد أن ما تحمله الـ25 عاماً القادمة من تطور وتقدّم، سيفوق كل ما شهدته البشرية في تاريخ حضارتها، وأن مستقبلنا ستحدّده قراراتنا اليوم، فالمستقبل نتيجة قرارات تصنع اليوم برؤية تستلهم الماضي وتستعد للآتي.

جاء ذلك في كلمة محمد القرقاوي الرئيسة، خلال افتتاح أعمال القمة العالمية للحكومات 2025، أمس، في دبي، وتستمر حتى 13 فبراير الجاري.

ورحّب في مستهل كلمته بالمشاركين في القمة، التي تنطلق مستلهمة الرؤية السديدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، برعاية ومتابعة كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتقدّم رسالة سامية هدفها الإسهام في صنع واقع أفضل للبشرية خلال 25 عاماً القادمة، ولتطرح الأسئلة الكبرى التي ستحدد مستقبل البشرية.

وقال: «أهم درس يعلمنا إياه التاريخ أن القادم مختلف تماماً عن السابق، والمتغيرات الاقتصادية والتقنية ستكون مختلفة بشكل كامل، ودور الحكومات أن تستعد لذلك، لأن ما سيأتي تاريخ جديد، سيُكتب بقواعد جديدة».

وأضاف: «التغيرات المتسارعة التي شهدها العالم لم تكن مجرد أحداث عابرة، بل دروس متراكمة.. الحكومات التي تقرأ الماضي بعمق هي القادرة على تصميم المستقبل»، وشدد بالقول: «من لا يتعلم من التاريخ.. سيكرر أخطاءه».

وأضاف: «أن 25 عاماً الماضية على الرغم من أنها كانت عاصفة بأحداثها، فإنها كانت أيضاً مدهشة بتغيراتها وتحولاتها، حيث زاد سكان العالم إلى 8.2 مليارات نسمة اليوم، وتضاعف حجم الاقتصاد من 34 تريليون دولار إلى 115 تريليون دولار عام 2024، ونمت التجارة الدولية سبعة تريليونات إلى 33 تريليون دولار عام 2024، وانتقل العالم من هيمنة الشركات الصناعية والتقليدية، مثل النفط والصناعات الثقيلة والخدمات المالية إلى صدارة الشركات التكنولوجية والمنصات الرقمية، وشهد العالم تحوّلات عميقة في المشهد الاقتصادي العالمي، حيث صعدت الصين والهند، مقابل تراجع بعض الدول الصناعية المتقدمة، وفي عام 2000 كان العالم متفائلاً بالعولمة، إلا أنه شهد مع صعود الشعبوية سياسات الانكفاء الداخلي والتجزئة».

وقال: «كان عدد مستخدمي الإنترنت في عام 2000 أقل من 7% من إجمالي سكان العالم، مقارنة بأكثر من 60% اليوم، وكانت قيمة العملات الرقمية في عام 2000 تساوي صفراً، أما اليوم فتقدر قيمتها بثلاثة تريليونات دولار، وفي عام 2000 كانت الحروب التكنولوجية والروبوتات العسكرية في أفلام الخيال العلمي فقط، واليوم نشهد الحروب بالدرونز والروبوتات والذكاء الاصطناعي، وكان العالم يخاف من الحروب النووية فقط، واليوم يخاف العالم من الحروب النووية والسيبرانية والبيولوجية».

وبعد استعراض هذه التحولات الكبرى خلال ربع قرن الماضي، طرح محمد القرقاوي سؤالاً مفصلياً أمام حضور القمة العالمية للحكومات، قائلاً: «ماذا لو كانت قراراتنا كبشرية وحكومات ومجتمعات مختلفة في الـ25 عاماً الماضية؟».

وقدم أربعة مشاهد تشكّلت نتيجة قراراتنا في ربع قرن الماضي، وفي المشهد الأول أشار إلى أن العالم فقد أكثر من مليونَي شخص نتيجة الحروب والنزاعات، وتشرّد نحو 120 مليون لاجئ نتيجة هذه الصراعات، في حين أن 4% فقط من كل الصراعات انتهت باتفاقية سلام، متسائلاً: ماذا لو اخترنا السلام بدلاً من العنف؟ والحلول الدبلوماسية بدلاً من العسكرية؟ وقال: «نحن لا نفترض عالماً أفلاطونياً، ولكننا حتماً كبشر يمكننا أن نتخذ قرارات أكثر حكمة».

وفي المشهد الثاني، ذكر أن الدراسات تشير إلى أن الشعوب في أكبر الاقتصادات في العالم، ليست هي الأسعد، وليست الأكثر استقراراً ورفاهاً، في دلالة على أن النمو الاقتصادي وحده لا يعكس رفاه المجتمعات، وفي عالم يتجه نحو الفردانية والبعد عن القيم المجتمعية والروابط الأسرية، هناك 280 مليون شخص يعانون الاكتئاب حول العالم، والاقتصاد العالمي يتكبّد تريليون دولار سنوياً نتيجة الأمراض النفسية، متسائلاً: «ماذا لو ركزت الحكومات في سياساتها على «جودة النمو»، كما تركز على «كمية النمو؟».

أما في المشهد الثالث، فأكد أن الثقة بالحكومات شهدت بين عامَي 2000 و2025 تراجعاً في كثير من دول العالم، وأكبر دليل على ذلك تصاعد موجات الاحتجاج والحركات الشعبوية، كما أظهر التقرير الأخير لـ«مؤشر الثقة» أن الثقة بالحكومات لا تتعدى 52%، وتساءل: «ماذا لو كان بناء الثقة أولوية الحكومات خلال الـ25 عاماً الماضية؟، موضحاً على أن الثقة هي أساس العلاقات، وأساس التعاملات، وأساس الحكومات.

وفي المشهد الرابع، قال: «في عالم اليوم، تنعم الدول بمستويات رفاه وتعليم وصحة غير مسبوقة، وعلى الرغم من أننا حققنا إنجازات كبيرة في انتشال البشرية من الفقر والجهل والمرض، فإنه لايزال يعيش نحو 630 مليون شخص، تحت خط الفقر، وحسب الدراسات سنحتاج إلى نحو 800 مليار دولار سنوياً للقضاء على الجوع، وتعليم كل الأطفال، وتطوير الأنظمة الصحية حول العالم»، متسائلاً: «ماذا لو قادت الدوافع الإنسانية الأجندة العالمية على مدى 25 عاماً الماضية؟»، مؤكداً بالقول: «نحن في الإمارات نخصص سنوياً 1.5% من ناتجنا المحلي للإغاثة والدعم التنموي.. القرار بأيدينا، مستقبلنا لا يتطلب معجزات، بل التزاماً بقيمنا الإنسانية».

وشارك محمد القرقاوي حضور القمة أهم التوقعات والتصورات لـ25 عاماً المقبلة، مشيراً إلى أن عدد سكان العالم سيصل إلى 10 مليارات نسمة، وسيكون أغلب النمو من قارتي إفريقيا وآسيا، وسيكون أكثر من 20% من سكان العالم فوق سن الـ60 في عام 2050، ما سيحتاج إلى أنظمة صحية واجتماعية عالية الجاهزة، وفي ذلك العام أيضاً سيخدم البشر أكثر من 20 مليار روبوت، ما يطرح تساؤلات كبرى حول تأثير هذا في نمط حياتنا اجتماعياً ونفسياً، وعلى سوق عملنا ومستقبل مهاراتنا، وسيكون الفضاء جزءاً رئيساً من حياتنا وسياحتنا، واستثماراتنا ومواردنا، حيث يتوقع أن يصل اقتصاد الفضاء إلى أربعة تريليونات دولار.

وأضاف «أن عام 2050 سيشهد أيضاً تغيرات كبرى في شكل التعليم، وبفضل تقنيات تعزيز القدرات، ستتغير إمكانات البشر عقلياً وجسدياً، وسيعيش الإنسان لمدة أطول وستتضاعف إنتاجيته بمعدلات غير مسبوقة، وسيتمكن الإنسان من حل مشكلات شبه مستحيلة اليوم في البيئة والطب والفضاء، وستتمكن البشرية من التنقل بسرعة قياسية، وسنكتشف عوالم جديدة لم نتخيلها على كوكبنا وخارجه، وستصل البشرية في الذكاء والكفاءة والإنتاجية إلى مستويات قد نظنها خيالية، وأرجو أن ينعكس ذلك على الحكمة».

وقال: «نحن ننتقل من مرحلة إلى أخرى مختلفة تماماً في تاريخ الحضارة البشرية، فمازال الذكاء الاصطناعي لم يولد بعد، كجنين في طور التشكل، طوال 30 ألف سنة كان الإنسان يستطيع التفكير والتحليل والإبداع وإعطاء الأوامر، واليوم - للمرة الأولى في التاريخ - هناك شيء آخر ينافس الإنسان في قدراته العقلية والإبداعية، وقد يتفوّق عليه بصورة كبيرة، نحن ندخل في مرحلة جديدة من تاريخ البشرية تحتاج إلى أدوات جديدة، ومنهجية جديدة، ورؤية جديدة».

واختتم كلمته بتأكيد أن ما تحمله الـ25 عاماً المقبلة من تطور وتقدّم، سيفوق كل ما شهدته البشرية في تاريخ حضارتها، مشدداً بالقول: «مستقبلنا ستحدده قراراتنا اليوم، فما مستقبل البشرية إلا مجموعة قرارات للحكومات والمنظمات والشركات والأفراد».


4 تساؤلات

تمحورت كلمة محمد القرقاوي حول تساؤلات شكلت ربع القرن الماضي:

. أولاً: ماذا لو لم تكن الحروب والنزاعات خيار البشرية في الـ25 عاماً الماضية؟

. ثانياً: ماذا لو لم يكن الاقتصاد هو المعيار الأساسي لرفاه الشعوب؟ وماذا لو ركزت الحكومات على «جودة النمو» كما تركز على «كمية النمو»؟

. ثالثاً: ماذا لو كان بناء الثقة أولوية الحكومات خلال الـ25 عاماً الماضية؟

. رابعاً: ماذا لو قادت الدوافع الإنسانية الأجندة العالمية على مدى 25 عاماً الماضية؟


محمد القرقاوي:

. يجب على الحكومات أن تتأمل بعمقٍ السنوات الـ25 الماضية، فالتغيرات المتسارعة في العالم لم تكن عابرة، بل دروس متراكمة.

. مستقبلنا ستحدده قراراتنا اليوم، فما مستقبل البشرية إلا قرارات للحكومات والمنظمات والشركات والأفراد.

. الحكومات التي تقرأ الماضي بعمق هي القادرة على تصميم المستقبل.        

. ستصل البشرية في الذكاء والكفاءة والإنتاجية إلى مستويات قد نظنها خيالية، وأرجو أن ينعكس ذلك على الحكمة.

. ما تحمله الـ25 عاماً القادمة من تطور وتقدّم، سيفوق كل ما شهدته البشرية في تاريخ حضارتها.

. القرار بأيدينا.. مستقبلنا لا يتطلب معجزات، بل التزاماً بقيمنا الإنسانية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق