العلاقات الاقتصادية.. توقعات 2025 - عرب بريس

0 تعليق ارسل طباعة

د. محمد الصياد *

بدأت السنة الجديدة 2025، بحفل تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته المنقطعة الثانية. هذا حدث كبير لجميع عناصر ومكونات العلاقات الاقتصادية الدولية، لاسيما التجارة الدولية، ولانتقال الأشخاص الطبيعيين «Movement of Natural Persons» (المصطلح المستخدَم في وثائق منظمة التجارة العالمية)، ولحركة رأس المال السلسة عبر الحدود (تصدير رأس المال)، ولانتقال التكنولوجيا عبر الحدود. لماذا؟ لأن المذهب الاقتصادي الذي ينحاز له الرئيس ترامب في تطبيقات سياساته الاقتصادية، هو الحمائية «Protectionism»، أي فرض وتعلية الرسوم الجمركية على الواردات إلى أمريكا، والسياسة الميركنتيلية «Mercantilism»، أو مذهب التجاريين المتمثل في تعظيم ثروة البلاد من الذهب والمعادن من خلال زيادة الصادرات والحد من الواردات بفرض التعريفات الجمركية.
وهذا ما كان مارسه الرئيس ترامب في ولايته الأولى.
لما كان الأمر كذلك، فإن «كهربة وصعق» عناصر العلاقات الاقتصادية الدولية، لاسيما التجارة الدولية، سوف يؤدي، كما نتوقع، إلى حدوث تغييرات في مسار التجارة العالمية. دعونا نتذكر معاً كيف قام الرئيس ترامب في يونيو 2018 (إبان ولايته الأولى) بفرض ضريبة جمركية من جانب واحد بواقع 25% على واردات أمريكا من الصلب من كندا والاتحاد الأوروبي والمكسيك، وأخرى بنسبة 10% على وارداتها من الألمنيوم. قبل ذلك بستة أشهر، فرض ضرائب جمركية على واردات أمريكا من الألواح الشمسية والغسالات بنسبة تراوحت بين 30% و50%، واستهدفت بالدرجة الأولى الصين وكوريا الجنوبية. وشملت رسوم ترامب الجمركية مروحة واسعة من الدول، بما في ذلك الهند وأستراليا واليابان وغيرها. وقد ردت جميع هذه الدول بفرض ضرائب جمركية إضافية على وارداتها من السلع الأمريكية. فكان أن تحولت التجارة الدولية إلى حلبة ملاكمة. ومنذ ما قبل تنصيبه في 20 يناير 2025، فكر الرئيس ترامب في اللجوء لخيار إعلان حالة طوارئ اقتصادية وطنية لتوفير مبرر قانوني لفرض سلسلة من الرسوم الجمركية الشاملة على الحلفاء والخصوم، تشمل فرض رسوم جمركية بنسبة 10% على الواردات العالمية إلى الولايات المتحدة، إلى جانب رسوم جمركية بنسبة 60% على السلع الصينية، و25% على الواردات الكندية والمكسيكية - في اليوم الأول لتنصيبه.
كما هدد المكسيك وكندا بأنه سوف يفرض ضريبة نسبتها 25% على كافة سلع صادراتها إلى السوق الأمريكية إذا لم تفعلان ما يطلبه، وهو «منع شحنات المخدرات ووقف تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة»، وهو ما تفعلانه على أية حال.
وإذا ما نفذ تهديده (وقد نفذه بالفعل)، فإنه إنما ينتهك اتفاقية التجارة التي تفاوض عليها مع المكسيك وكندا قبل أربع سنوات ونصف السنة فقط، فما قيمة أي اتفاقية يعقدها مع الدول الأوروبية أو أية دولة أخرى؟ من الواضح أن ترامب لا يشعر بأنه ملزم بالتزاماته.
لذلك، فإن هذه الجولة الجديدة من الحرب التجارية العالمية، يمكن أن تؤدي إلى إعادة اصطفاف للقوى الاقتصادية العالمية. لقد نفذ ترامب بالفعل تهديداته بحق كندا والمكسيك والصين.
وإذا ما نفذ تهديده ورفع الرسوم الجمركية على واردات أمريكا من بعض سلع الصادرات الأوروبية، مثلاً، فقد نشهد إعادة الأوروبيين لبوصلتهم التجارية تجاه الصين التي هي الأخرى ستكون الهدف الأبرز لسياسة ترامب الحمائية والميركنتيلية. فلسوف تضطر أوروبا، بسبب استهدافها تجارياً من قبل ترامب، إلى التوقف عن سياسة المجابهة التجارية مع الصين، وإعادة الزخم المفقود لعلاقات الاتحاد الأوروبي التجارية مع الصين التي بات اقتصادها أكثر إغراءً وجذباً للمستثمرين ورجال الأعمال في العالم، بسبب ضخامته التي تخطت منذ نحو عقد حجم الاقتصاد الأمريكي بنسبة 30% بمقياس إجمال الناتج المحلي على أساس معادل القوة الشرائية «Purchasing Power Parity GDP» (يستخدم مقياس تعادل القوة الشرائية مجموعة مشتركة من الأسعار لتقييم قيمة كل السلع والخدمات المنتجة في كل دولة. وهذا يعني أننا نطبق نفس السعر على كل السلع المباعة في كل من الولايات المتحدة والصين مثلاً).
ووفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي، فسوف يصبح الاقتصاد الصيني أكبر بنحو 40% من الاقتصاد الأمريكي بحلول عام 2030. وهذا ما يجعل الصين أكثر جاذبية تجارية وأكثر موثوقية في الوفاء بالتزاماتها تجاه العقود والاتفاقيات التي تبرمها مع بقية الدول.
حمائية ترامب ستُلقي بظلالها أيضاً على حجم وقيمة التجارة الدولية، ما سينعكس تباطؤاً في وتيرة نمو الاقتصاد العالمي. كما ستؤدي سياسات ترامب المناهضة لمذهب المناخيين والداعمة بقوة لتوسيع عمليات الاستكشاف والتنقيب بأي ثمن (قال ترامب: إنه سيدفع منتجي النفط الصخري إلى زيادة الإنتاج حتى لو كان ذلك يعني إخراج مشغلي آبار النفط الصخري لأنفسهم من دائرة البزنس (قصده بسبب ارتفاع التكاليف الإنتاجية)، إلى ممارسة ضغط أكبر على منتجي النفط، وتحديداً ائتلاف أوبك بلس، وترتيباً على سعر برميل النفط، مع أن إنتاج النفط الأمريكي سيواصل، بحسب بعض التوقعات، تراجعه خلال هذا العام والعام المقبل (2026).
* خبير بحريني في العلاقات الاقتصادية الدولية

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق