نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عرض إحساس في أيام قرطاج لفنون العرائس: لغة الجسد في حوار مع الوجود - عرب بريس, اليوم الخميس 6 فبراير 2025 12:10 مساءً
نشر بوساطة شيماء صنهاجي في الشروق يوم 06 - 02 - 2025
تتواصل فعاليات الدورة السادسة لأيام قرطاج لفنون العرائس, التي تحمل اسم الفنان العرائسي الراحل عبد الحق خمير, من الأول إلى الثامن من فيفري, بمشاركة 19 دولة، أكثر من 100 عرائسي، 33 عرض من بينهم 8 عروض للكهول و25 عرض موجه للطفل والعائلة, في تظاهرة تسعى إلى إعادة إحياء هذا الفن العريق ومنحه أبعادا جديدة. وقد وصفت وزيرة الشؤون الثقافية, السيدة أمينة الصرارفي, فن العرائس بقولها « العروسة صوت, عاطفة, ذاكرة, ورؤية على العالم ».
من بين العروض التي شدّت إنتباه الجمهور، عرض "إحساس" الذي قدمه ثنائي من بولندا "ناتاليا ساكوفيتش" و "ماسيج سيمبورا" و هما خريجي أكاديمية ألكسندر زيلفيروفيتش الوطنية للفنون المسرحية في ليستوك. سافر هذا الثنائي بالحاضرين في رحلة حسية تحمل بين طيّاتها تأملّات في الحبّ، الحياة، والوجود.
علاقة تهتزّ ... بحثًا عن معنى الحبّ
يروي العرض قصة زوجين يعيشان أزمة أرهقتهما، حتى باتا تائهين يبحثان عن سبيل لإعادة بناء علاقتهما والنهوض بها وسط واقع يضغط عليهما.
منذ بداية العرض، إتّخذ الأداء طابعا بصريًا مكثفًا، إذ استُهل بمشهد الركض، وكأنهما يهرولان من بعيد للقاء قدرهما، وكأنهما على موعد مع الحبّ ذاته.
لم تكن الكلمات عنصرا أساسيا في هذا العرض، فقد اعتمد على لغة الجسد كوسيلة تعبير رئيسية، حيث نقلت حركاتهما المتناسقة وغير المتناسقة على حدّ سواء طيفًا واسعًا من الأحاسيس، من العشق إلى الضياع، ومن الشغف إلى الحيرة، في إنسجام تامّ مع إيقاع الموسيقى والمشاهد البصرية.
التفاحة والجبل... رمزيّة وجوديّة
أحد المشاهد الأكثر تأثيرا تمثّل في حوار وجوديّ بين الزوجين، حيث سأل الرجل شريكته: " إن كنتِ فاكهة، فماذا تفضلين أن تكوني ؟" فأجابته : "التفاحة، لأنها يمكن أن تستخدم في أشياء كثيرة، وهي لذيذة في الوقت ذاته". بدا هذا الإختيار رمزيّا بامتياز، فالتفاحة تحمل في طياتها أبعادا فلسفية عميقة، إذ ارتبطت عبر التاريخ بمعاني الحياة، المعرفة، والخطيّة، وكأن المرأة هنا تشير إلى تعدد أوجه الحب وإمكاناته.
وفي مشهد آخر نظر إليها وقال: " أراكِ جبلاً، يطمح المرء الوصول إلى قمّته " . صورة بصريّة تنطوي على دلالات عميقة، حيث الجبل رمز الصمود، الرفعة، والتحدي، وكأن العلاقة بينهما تتحوّل إلى رحلة تسلّق مضنية نحو فهم الذات والآخر.
الأقنعة وصراع الحقيقة
مع تقدّم العرض، تتعقد الأحداث وصولا إلى لحظة المواجهة الحاسمة، حين تكتشف المرأة أنّ زوجها يخفي وجهه خلف قناع. في لحظة غضب، تكسره، لتكشف بذلك هشاشة العلاقة وكأنها تحطّم الوهم بحثا عن الحقيقة.
في النهاية و بينما غادرت هي خشبة المسرح مكسورة، ظهر شريكها قائلا: "في أغلب الأحيان، ينتصر الحب، ويكون أقوى من الموت" .ثم انصرف خلفها.
عرض "إحساس" لم يكن مجرد أداء مسرحيّ، بل تجربة حسيّة عميقة جعلت الجمهور شريكا في رحلة تأمليّة عن الحبّ، العلاقات، والبحث عن الذات وسط تعقيدات الحياة. بأسلوب بصريّ يعتمد على الجسد أكثر من الكلمة، و باستخدام الرموز والاستعارات البصرية، حمل هذا العرض رسالة مؤثرة تلامس جوهر الإنسان وتعيد طرح الأسئلة الكبرى عن الوجود.
.
0 تعليق