"صالحت بيك أيامي.. سامحت بيك الزمن.. نستني بيك آلامي.. ونسيت معاك الشجن".. كلمات قدمتها كوكب الشرق أم كلثوم من أشعار أحمد شفيق كامل في الستينات، وهي الوصف المناسب لما تفعله بنا أغاني الست، فكل أغنية أو قصيدة تغنت بها لها تأثير كبير في وجدان محبيها ومستمعيها، ولم يزول هذا التأثير بمرور عشرات السنوات على أغانيها، أو برحيلها عن عالمنا منذ 50 عاما، وإنما ظل صوتها وإحساسها قادر بشكل كبير على التعبير عنا وعن مشاعرنا المختلفة، وبمثابة طبطبة كبيرة على قلوب جمهورها.
وكما قال عنها الأديب عباس العقاد، فأم كلثوم "أثبتت أن الغناء ليس فن حناجر وأفواه فقط، وإنما فن عقول وقلوب"، وبالفعل فالست كانت دائما تغني ما تفهمه وتشعر به، لذلك تمكنت بقوة من تشكيل وجدان أناس كثر ليسوا في مصر فقط إنما بالوطن العربي بأكمله، وامتد تأثيرها ليصل إلى كل دول العالم، وأصبح فنها بمثابة منهجا على مرتادي الفن دراسته والتعلم منه، فهي ليست مجرد صوتا إنما فنا منفردا لن يتكرر.
فهي الفنانة المتفردة الذي يجذب صوتها الصغار قبل الكبار، والبسطاء قبل المثقفين، فخلال مشوارها الفني تمكنت من تحقيق المعادلة الصعبة في أي نجاح، وهو أن تكتسب دعم وحب جمهور من مختلف فئاته وأطيافه، فيصدح صوتها عاليا في القهاوي أو المكاتب أو البيوت من خلال أجهزة التسجيل القديمة أو الأجهزة التكنولوجية الحديثة، ولكن الثابت وحده هو تأثير ذلك الصوت، واندماج كل مستمع لها مع عذوبة كلماتها وإحساسها.
وعلى الرغم من البدايات الصعبة في مشوار أم كلثوم، وفقر أسرتها في صغرها، إلا أنها تمتعت دائما بالإصرار الكبير على الوصول والتعبير عن نفسها وعن صوتها، بداية من تغنيها في القرى المجاورة لها بمقابل زهيد من أجل مساعدة أسرتها، مرورا بسعيها الدائم عن طريقها والوصول إلى حلمها، ولم يتوقف إصرارها باعتمادها على صوتها القوي فقط وانتقالها إلى القاهرة ومساعدة الشيخ أبو العلا محمد في بداية مشوارها الفني، إنما أيضا بسعيها للمحافظة على النجاح الذي حققته، واستخدام كل صعوبة أو شائعة واجهتها كأنها سلم تصعد به أسرع إلى ما تريده، وتعلم وتجربة كل ما هو مختلف، فاستغلت المقامات الموسيقية التي عرفتها، لتجربة "التلحين"، من خلال أغنيتين لها، وإخلاصها إلى صوتها.
"لماذا أم كثوم"، هو تساؤل يصعب الإجابة عليه أو تلخيصه في أسباب محددة، فأم كلثوم ليست مجرد مطربة مصرية وعربية عظيمة، وإنما هي واحدة من السيدات التي أثبتت موهبتها بقوة، وأثرت المكتبة العربية بعشرات الأغاني والقصائد التي إذا تخيلنا الفن بدونها لا نجد توازنا أو تميزا في تاريخ تلك المكتبة، يكفي أننا عندما نتابع أي برنامج لاكتشاف المواهب، نجد أن تقييم أغلب المتسابقين والحكم عليهم يتم من خلال اكتشاف هل يستطيع غناء "كوبليه" لأم كلثوم أو لا، والمتسابق الذي ينجح في مذاكرة مقاطع لأم كلثوم، يكون ذلك بمثابة جواز موهبته، لأن فن أم كلثوم تخطى الموهبة أو الصوت، وأصبح له قدرات خاصة ومقامات موسيقية معينة لا يستطيع أي شخص الوصول إليه.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
0 تعليق