كتب أ. د هاني الضمور -
في وقت تتصاعد فيه التهديدات الأمريكية تجاه الأردن، ومع عودة دونالد ترامب إلى سدة الحكم حاملاً أجندة أكثر تشددًا تجاه المنطقة، يبرز تساؤل محوري: أين الأحزاب الأردنية من هذه المخاطر المصيرية؟ لماذا لا نسمع صوتًا واضحًا ضد المخططات التي تهدف إلى فرض مشاريع التوطين وتهجير الفلسطينيين إلى الأردن؟ ولماذا لم نرَ تحركات سياسية وحزبية بحجم الخطر الذي يتهدد البلاد؟
تهديدات ترامب: خطر وجودي أم أزمة صمت سياسي؟
منذ اللحظة التي أعلن فيها ترامب مجددًا دعمه للسياسات الإسرائيلية المتطرفة، تجدد الحديث عن مشاريع قديمة-جديدة، تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، سواء عبر التوطين القسري، أو الضغط السياسي والاقتصادي لإجبار المملكة على تقديم تنازلات استراتيجية. ومع ذلك، لم نسمع من الأحزاب السياسية سوى بيانات خجولة، لا تكاد تُسمع إلا في زوايا الصحف أو بين أروقة اجتماعات داخلية لا تصل للشارع الأردني.
أين المواقف الحازمة؟ أين الخطابات النارية؟ أين البيانات الصارخة التي تضع خطوطًا حمراء أمام أي تهديد يمس السيادة الوطنية؟ لماذا تبدو الأحزاب وكأنها في غيبوبة سياسية بينما تُرسم مخططات تهدد الأردن ومستقبله؟
أحزاب بلا فعل: أين الاحتجاجات والمسيرات؟
في قضايا أقل شأنًا، رأينا بعض الأحزاب تتحرك، وتنظم اعتصامات، وتعقد مؤتمرات صحفية تتحدث فيها عن "حقوق الشعوب” و”رفض التدخلات الخارجية”. ولكن حينما يتعلق الأمر بملف بهذا الحجم، يرتبط بمستقبل الأردن وهويته السياسية والديمغرافية، فإننا لا نرى شيئًا سوى الصمت المطبق.
لماذا لم تبادر الأحزاب إلى تنظيم مسيرات وطنية ترفع فيها صوت الرفض القاطع؟ لماذا لم تشكل جبهة وطنية موحدة لمواجهة أي ضغوط أمريكية تهدف إلى فرض حلول كارثية؟ لماذا لم نشهد حتى مجرد مؤتمر وطني جامع يضع خارطة طريق للتعامل مع هذه التهديدات؟
الدولة تواجه وحدها.. والأحزاب غائبة عن المشهد
لا يمكن لأحد أن ينكر أن الدولة الأردنية كانت واضحة في موقفها الرافض لهذه المخططات، وأنها تواجه ضغوطًا كبرى للحفاظ على ثوابتها الوطنية. ولكن، لماذا تترك الأحزاب الدولة وحدها في هذه المعركة؟ أليس من المفترض أن تكون الأحزاب هي حائط الصد الأول، والقوة الشعبية التي تعزز الموقف الرسمي وترفع كلفة أي ضغوط تمارس على الأردن؟
الحقيقة أن أغلب الأحزاب الأردنية، سواء كانت قديمة أو حديثة، فشلت في أن تكون قوة مؤثرة في هذا الملف. لم تستطع أن تبني خطابًا سياسيًا مقنعًا، ولم تقدم مشاريع وطنية لمواجهة التحديات، ولم تحشد الجماهير حول موقف موحد.
كفى صمتًا.. الوطن في خطر!
لم يعد هناك مجال للبيانات البروتوكولية، ولا للاجتماعات المغلقة التي لا تثمر شيئًا. نحن أمام تهديد مباشر، يمس مستقبل الأردن وأمنه الوطني، فإما أن تنهض الأحزاب بمسؤولياتها وتتحول إلى قوة سياسية حقيقية تدافع عن البلاد، أو فلتعلن حلّ نفسها وتترك الساحة لمن يستطيع الفعل لا القول فقط.
الأردنيون لن يسامحوا أي طرف يختبئ خلف الصمت أو المصالح الحزبية الضيقة بينما تتزايد التهديدات حولهم. وإذا لم تستطع الأحزاب أن تثبت أنها موجودة عندما يكون الوطن في خطر، فلماذا توجد أصلًا؟!
0 تعليق