نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اكتشاف خط انتاج لدعم الاكتفاء على يد مزارع بالوادى الجديد.. صور - عرب بريس, اليوم الجمعة 24 يناير 2025 03:25 مساءً
المناضل واشقائه..قصة نجاح في قلب الجبال: حولوا الرمال الى مصنع خضروات
الطبلاوى لبوابة الجمهورية "سر الأرض" معادلة مائية والتربة غنية بالمخصبات الطبيعية
قدم للاسواق اجود انواع الخضار.. انعشت المنافذ وحطمت الأسعار
"بوابة الجمهورية" فى قلب الصحراء ، ترصد قصة نجاح أسرة مكونة من ٥ أشقاء جاءوا إلى مركز الداخلة باحثين عن بداية جديدة فى أرض الفرص والاحلام ، ضاربين بذلك أروع المثل والتحمل من أجل إثبات الذات فكانوا على موعد مع التخرج بتقدير امتياز ، وبمرور الايام أصبح لديهم قصة ملهمة كالشمس المشرقة ، تُجسد إرادة شباب مصر الصلبة وقدرتهم على تحويل المستحيل إلى واقع مُعاش ، ليصبح "محمد الطبلاوي" وإشقائه بمثابة نموذجا يشار اليه بالبنان ، فهم ليسوا مجرد قصة نجاح زراعي، بل لكونهم ايقونة تحدى وملحمة كفاح، تُعيد صياغة مفهوم العمل الجاد، وتُثبت أن الإصرار والعرق قادران على تحويل الصحراء القاحلة إلى جنة خضراء.
إبن النيل"محمد عزت رضوان الطبلاوى"، ذلك الشاب الأربعيني الذي نهل من خبرة السنين في حقول مصر وخارجها، لم يرضَ باليأس أمام تحديات الطبيعة القاسية، بل انطلق بشغف وإيمان راسخ، ليحوّل قطعة أرض فى صحراء الموهوب التابعة لمركز الداخلة بمحافظة الوادي الجديد إلى لوحة فنية من الخضرة والنماء ، وبقلبٍ نابضٍ بحب الوطن، وعزيمة لا تلين، أعلنها صرخة مدوية في وجه الصعاب: "هنا، في هذه الأرض، سنزرع الخير، وسنُطعم أهلنا، وسنحقق الاكتفاء".
لم تكن رحلة "الطبلاوي" وإخوته برفقة والدهم سهلة بالمرة ، بل كانت مليئة بالتحديات ونزيف البدايات ، بدءا من ارتفاع درجة حرارة المياه إلى ملوحة التربة واقتحام الأسواق في مواجهة هيمنة التجار ، إلا أنهم بفضل الله وعنايته ثم بفضل خبراتهم المتراكمة وروح الفريق الواحد، استطاعوا ابتكار حلولًا زراعية ملائمة لطبيعة التربة والمناخ مقارنة بإيجاد الحلول المناسبة لمعالجة المياه ، خفضت التكاليف، وزادت الإنتاجية، وحوّلت مساحة من الأرض القاحلة إلى مصدر خير وانتاج وفير غير مألوف بلغ ٥٠ طن طماطم للفدان الواحد.
تجاوز الشاب المناضل وأشقاؤه مجرد زراعة الخضروات، بل أرسوا نموذجًا يحتذى به في الزراعة المستدامة، وفي تقديم الأسعار المناسبة للمواطنين ، فهم لم ينظروا إلى الأرض كصفقة رابحة، بل كأمانة يجب رعايتها، وكحق مستحق لأهل المحافظة على اتساع رقعتها الجغرافية وتباعد مراكزها الإدارية يجب تلبيته ، وبإصرارهم، قدموا مثالًا حيًا يؤكد على أن النجاح الحقيقي يكمن في خدمة المجتمع وتحقيق الاكتفاء، وليس فقط في جني الأرباح والتباهي فى حضرة الكبار.
اثبتت تجربة ابن النيل القادم من الدلتا إلى جنوب الصعيد ، أن لا وجود للمستحيل في ملاقاة تطلعات الشباب والعمل بضمير ، لتغدو احلام المزارعين البسطاء وشباب الخريجين نموذجا مصريا اصيل يتغنى به الكبير والصغير بعد نجاح هذا المشروع الذى أنطلق من العدم رغم كل التحديات ، ليشرق الامل من جديد على سكان منطقة الموهوب بمركز الداخلة متخطيا حاجز المستحيل بالعزيمة والإصرار وتحطيم الارقام بمعدلات إنتاج غير مسبوقة.
"بوابة الجمهورية" التقت عائلة "الطبلاوي" في حوار خاص للوقوف على نتائج المشروع وعوامل النجاح والرؤية المستقبلية لضمان استمرارية معدلات الإنتاج والفرص المتاحة نحو امكانية التعميم على مستوى مراكز المحافظة لتحقيق الاكتفاء ، وقد بات لديهم رصيد كاف من الشعبية الجماهيرية والثقة المتبادلة مع رعاة التنمية وداعمى الإنجاز لتمنحهم بذلك فرصة إعادة كتابة تاريخ الزراعة واستغلال المساحات الشاسعة التى تتمتع بها أرض الواحات ، ليُثبتون أن "جنة مصر" ليست حلمًا بعيد المنال، بل هي واقع يستحق البذل والعطاء فى سبيل أن يتحقق بعرق الجبين وإخلاص العمل بضمير ابتغاء مرضاة الله.
من صحراء الى جنة خضراء قصة نجاح ملهمة لشاب من دمياط بالواحات..
بدأت قصة محمد عزت رضوان الشهير بالطبلاوى ٤١ سنة في أغسطس 2021، عندما قرر الانتقال إلى محافظة الوادي الجديد بعد خبرة مهنية طويلة اكتسبها في مجال زراعة الخضراوات والفاكهة بمختلف محافظات مصر وعدد من الدول العربية ، وعندما قرر العودة إلى مسقط رأسه والبحث عن مشروع يضمن له دخلا ثابتا منحه القدر فرصة ذهبية فكانت نقطة التحول عندما تعرف على أحد أبناء الوادي الجديد، والذي شجعه على الاستثمار في الزراعة بالمنطقة، وبالأخص زراعة الخضروات التي تعاني من بعض المشاكل مثل آفة "توتا أبسلوتا".
لم يتردد الابن البار واشقائه في قبول التحدي، فقام بزيارة للمنطقة واكتشف أن التربة تواجه تحديات مثل ارتفاع درجة حرارة المياه وملوحتها ، إلا أن إيمانه بقدرته على التغلب على هذه التحديات كان دافعًا قويًا له ، وبخاصة أنه ليس بمفرده وانما جاء ومعه والده مصدر الهامه وايمانه بالعمل تحت وطأة الضغوط بعزيمة الكبار وتطلعات أبناء الامس نحو التغيير ،ليبدأ محمد بتجهيز الأرض وزراعة 17 فدانًا من الطماطم، معتمدًا على أساليب زراعية مبتكرة لخفض التكاليف وزيادة الإنتاجية وبعد نجاح التجربة تقدم بخطاب إلى المحافظة لتخصيص مساحة ١٠٠ فدان خضروات قوبل بالموافقة والدعم الغير محدود من محافظ الإقليم.
يقول محمد رضوان الشهير بطبلاوى ، فى تصريحات خاصة لبوابة الجمهورية ، أن قدومه إلى محافظة الوادى الجديد جلب إليه الخير الوفير والأرباح والذى كان بمثابة نقطة تحول فارقة في حياته ومستقبل أشقائه بعد نجاح تجربة مشروعه لانتاج اصناف متنوعة من الخضر مثل الطماطم والخيار والفلفل والبصل وغيرهم على مساحات تصل إلى ٣٠ فدان زراعات مكشوفًة وليس داخل أنفاق ، مع التركيز على تقوية الجذور وتدفئة النباتات ومعالجة ملوحة المياه ، حيث نجح في خفض تكلفة الفدان الواحد إلى حوالي 20 ألف جنيه، مقارنة بـ 100 ألف جنيه في مناطق أخرى.
أضاف الطبلاوى ، أن النتيجة كانت مذهلة ، حيث حقق محصول الطماطم إنتاجية وجودة عالية، والذى نال أشادة المسؤولون المحليون. ، وعلى إثر ذلك قام بتوزيع المحصول على القرى والمحليات بأسعار رمزية تتراوح بين 4 و5 جنيهات للكيلو، مساهمًا بذلك في توفير الخضروات الطازجة للمواطنين بأسعار تنافسية أقل بكثير عن اسعار السوق ، مؤكداً استمرار إنتاج الطماطم بمعدل 500 قفص يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، مما شكل نجاحًا كبيرًا لمشروعه على مدار عامين متتاليين.
وتابع إبن محافظة دمياط خريج معهد قرائية المنصورة ، لم يتوقف طموحى عند هذا الحد ، حيث بدأت في توسيع نطاق زراعتى ليشمل البطاطس والفلفل والخيار والشطة والكرنب والقرنبيط وغيرها من الخضروات ، واردف قائلا ، شعرت بطاقة إيجابية ليس لها مثيل ودفعنى الفضول بعد تذوق طعم المكسب الحقيقي والصافى من الأرباح التقدم بخطاب إلى محافظ الوادي الجديد للحصول على مساحة 100 فدان بقرية الموهوب، وقد تمت الموافقة على طلبه وتوفير التسهيلات اللازمة لاستكمال مابدأته من مشروع.
بكشف "الطبلاوي" ل بوابة الجمهورية عن "سر الأرض" الذي كان وراء نجاح مشروعه الزراعي، موضحًا أن البداية كانت في التغلب على تحدي ملوحة المياه الجوفية بالمعالجة الدقيقة مع التبريد أو التدفئة حسب تقلبات المناخ ، حيث اعتمد على معالجة المياه بفكر جديد وتجارب علمية متطورة ، ثم التحول إلى نظام الري بالتنقيط بدلًا من الري بالغمر، مشيرا إلى أن هذا التحول أحدث نقلة نوعية في الإنتاجية، إذ حقق 50 طنًا من الطماطم للفدان الواحد، مقارنة بـ 35 طنًا فقط عن طريق نظام الري بالغمر ، كما أرجع "الطبلاوي" هذا النجاح أيضًا إلى "الخواص الفريدة" لتربة الوادي الجديد، الغنية بالمعادن الطبيعية بكميات كبيرة، والتي تعمل كمخصبات طبيعية للمحاصيل، مثل الفسفور والبوتاسيوم والمنجنيز والمغنيسيوم والحديد والكالسيوم الموجودين في المياه وغيرها من العناصر التي تمنح النباتات صلابة وقدرة على مواجهة التغيرات المناخية.
في حديث مؤثر ينم عن عظيم العرفان والامتنان بما يقدمه الآباء من تضحيات وعطاء ، عبّر "الطبلاوي" عن تقديره العميق لدور والده المحوري في نجاح مشروعه الزراعي، مؤكدًا أن "رحلة الحصاد لم تكن لتُكلل بالنجاح لولا دعم ومؤازرة والده، الذي كان بمثابة السند والصديق، والمزارع صاحب الخبرات والتجارب ، مضيفا بصوت يملؤه الفخر، أن والده لم يبخل عليه بالنصح والإرشاد، فكان نعم"الصاحب الأمين، والداعم الأقوى في مواجهة تحديات الحياة ، حتى أنه قرر التخلى عن مسقط رأسه بدمياط ورافقه فى رحلته إلى الواحات ، ليصبح"الشريك الأساسي ، والمحفز الدائم على تجاوز الصعاب، فكان بمثابة "النور الذي أضاء دربه، والقوة التي مكنته من تحقيق حلمه على أرض الوادى الجديد.
في سياق حديثه عن التحديات التي تواجه مشروعه، ناشد 'الطبلاوي' محافظ الوادي الجديد، اللواء دكتور محمد سالمان الزملوط، تقديم التسهيلات اللازمة لتوصيل الكهرباء إلى مشروعه المقام على مساحة ١٠٠ فدان لإنتاج الخضروات ، معللا ذلك لما فيه ضرورة ملحة لضمان استدامة الإنتاج، وتطوير العمليات الزراعية، وتحسين كفاءة الري بالتنقيط ، موضحا بأن ما قدمه المحافظ له من دعم يعد نموذجًا حيًا لرؤيته الثاقبة في تمكين المشروعات الجادة والمنتجة، وتجسيدًا لاهتمامه بتطلعات الشباب الطموح من أبناء المحافظة.
يشاركه الرأى شقيقه الأصغر "صلاح" فى السنة الثالثة لكلية إعلام الإسكندرية بتقدير امتياز ، مضيفاً بأنه منذ اللحظات الأولى لتسلم شقيقه "الطبلاوي" لمشروعه، لم يتردد المحافظ في تقديم كافة أوجه الدعم والتسهيلات، بدءًا من الموافقة الفورية على تخصيص مساحة 100 فدان لإنتاج المحاصيل الأساسية والخضروات، ومرورًا بتذليل كافة العقبات ، وصولًا إلى توفير مناخ استثماري جاذب ومشجع ، واصفًا إياه بـصاحب "الرؤية الثاقبة للمشروعات المنتجة"، مؤكدًا أن "حجم التسهيلات والتيسيرات التي قدمها المحافظ لم تكن لتتحقق لولا حرصه الشديد على دعم الاستثمار، وتمكين الشباب، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضر والسلع الأساسية".
وتابع أن التاريخ "سوف يذكر ما صنعه الزملوط من نجاحات ومشروعات تخدم الشباب والمواطنين"، مشددًا على أن هذه الجهود "تأتي تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية، ودعم رئيس الجمهورية لزيادة الرقعة الخضراء، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في ربوع مصر" ، واردف قائلا ، لولا عناية الله ودعم المحافظ ما استطعنا الصمود أو المضي قدماً بالمشروع ، مضيفاً "أن نجاح مشروع الطبلاوي للخضروات اصبح بمثابة خط انتاج وهو "ثمرة من ثمار رؤية المحافظ، ودليل على صدق نواياه في خدمة أبناء الوادي الجديد".
يضيف عبدالسلام رضوان الشقيق الأصغر لمحمد رضوان ، أن أحد أبرز أسباب النجاح لمشروع الطبلاوى لإنتاج الخضر والفواكه يكمن في تقليل التكاليف مع الحفاظ على جودة المنتج، وعدم السعي وراء المكاسب الباهظة، بل تحقيق التوازن بين الربح المناسب وخدمة المجتمع ، مؤكدا بأن أرض الوادي الجديد غنية بالمعادن الضرورية للزراعة، وأن مشاكل مثل نقص الكالسيوم وعفن الطرف الزهري في الطماطم يمكن علاجها بسهولة من خلال الخبرة والمعرفة الزراعية الصحيحة.
يؤمن "رضوان" بأن الاكتفاء الذاتي من الخضروات والفاكهة حق أصيل لأهل الوادي الجديد، ويطمح في أن تصبح المحافظة نموذجًا يحتذى به في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتصدير الفائض إلى المحافظات الأخرى، لافتا إلى سعي العائلة لإنشاء مشتل للشتلات وتوفير المبيدات لمساعدة المزارعين الآخرين، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات الزراعية المجانية لكل من يحتاجها.
وبدوره ، أكد كبير عائلة رضوان، والد الأشقاء الخمسة ، على أهمية وعي المزارعين بالمزايا الفريدة التي تتمتع بها أراضي الوادي الجديد، والتي تمنحها قدرة فائقة على تحقيق إنتاجية زراعية أعلى مقارنة بالمحافظات الأخرى ، واستشهد فى ذلك بنجاح مشروع نجله كمثال حي على ذلك، مشيرًا إلى أن هذا المشروع كان له دور كبير في خفض أسعار الطماطم والبطاطس لفترة طويلة، رغم تحديات السوق ومنافسة التجار، ما يعكس إمكانات المحافظة وقدرتها على تحقيق الاكتفاء الذاتي وتلبية احتياجات السوق المحلي.
كما دعا والد "الطبلاوى" المزارعين إلى ضرورة الاستفادة من هذه المزايا لتعزيز الإنتاج وتحقيق أرباح مجزية ، مشددا على ضرورة التحول إلى نظام الري بالتنقيط كبديل للري بالغمر، في ظل انخفاض تكلفة إيجار الفدان بالمحافظة مقارنة بالمناطق المجاورة ، ما يتيح للمزارعين تحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة ، معرباً عن تقديره البالغ لجهود المحافظ وتبنيه الاتجاه إلى زراعة الخضروات والفاكهة، لما تتمتع به المحافظة من مقومات الاكتفاء الذاتي، ونظرًا لضخامة المساحات الشاغرة، وعدم الحاجة إلى جلب محاصيل من المحافظات المجاورة بأسعار متفاوتة ومبالغ فيها ، مهيبا بالشباب الاقتداء بتجارب السابقين، والاستعانة بتطبيقات العلم الحديث في تنفيذ المشروعات الزراعية، لضمان تحقيق أعلى مستويات النجاح.
وقال صابر حنفي، رئيس قرية الموهوب بمركز الداخلة ، أن المنطقة المنفذ بها المشروع تحظى باهتمام كبير وإقبال من جميع منافذ الوحدات القروية لشراء كافة منتجات المزرعة بأسعار مخفضة للغاية ، مشيدا بجهود ونتائج المشروع والقائمين على تنفيذه والذى يشهد حاليًا حفر بئر وتجهيز الأرض لتركيب الطاقة الشمسية، بالإضافة إلى الاستعداد لزراعة محاصيل جديدة مثل البصل والثوم والبطيخ والكنتالوب ، مؤكدا على أن نجاح مثل هذه المشروعات المنتجة لم يكن ليتحقق لولا دعم ومساندة القيادة التنفيذية ، بالإضافة إلى التعاون الكبير من أهالي الوادي الجديد.
وجه الدكتور محسن عبدالوهاب نقيب الزراعيين بالوادى الجديد الشكر والتقدير لكل نموذج مكافح يسعي لتحقيق الذات ودعم روافد التنمية والإنتاج ، مشيرا إلى أن هيبة الصحراء ومقومات النجاح جعلت الطبلاوى وأشقاؤه، ينهضون بقلوبٍ مؤمنة، وعقولٍ متقدة، وأيدٍ خبيرة، ليزرعوا الأمل في قلب الصحراء، ويُحوّلوا رمالها إلى خضرة، وصمتها إلى معاول حرث وشبكات وطاقة متجددة ، مؤكداً بأنهم لم يأتوا إلى هذه الأرض بحثًا عن الثروة، بل جاءوا حاملين رسالة، مفادها أن أرض مصر قادرة على أن تُطعم أبناءها، وأن شبابها قادرون على أن يصنعوا المعجزات.
ووصف احمد عبدالعاطى نقيب إتحاد العماليين بالوادى الجديد رحلة "الطبلاوي" وإشقائه بلقاء قضبي التنمية والتعمير بين أبناء النيل مع محاربي الصحراء لما لديهم من خبرات وثقافات تدفع إلى الرقي والازدهار ، مؤكدا بأن هذه الفئة من الشباب قادرين على قهر الصعاب، واحالة الظلام نورًا، والقحط رخاءً ، واردف "لقد واجهوا تحديات وتغلبوا عليها بدءا من قسوة المناخ إلى طبيعة التربة ، ولكنهم بفضل الله ثم بفضل خبراتهم ودعم محافظ الإقليم وبفضل روح التعاون والتفاني، استطاعوا أن يبتكروا أساليب زراعية فريدة، تتحدى قوانين الطبيعة، وتنتصر عليها.
وتابع لم يكتفِ "الطبلاوي" وشركاه بتحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضروات، بل أرسوا نموذجًا يُحتذى به في المسؤولية المجتمعية، وفي تقديم الأسعار المناسبة للمواطنين ، مؤكدا بإن امثال الطبلاوى وإشقائه هي قصة مصر، التي تتجدد فيها الحياة، والتي تنهض من بين الأنقاض، والتي تُثبت كل يوم أنها قادرة على أن تفاجئ العالم، وأن تُقدم نماذج مُلهمة، تُشعل جذوة الأمل في قلوب الشباب، وتؤكد أن المستقبل لنا، وأن أرضنا ستظل منبعًا للخير، وملاذًا للأمل.
وفى السياق ذاته ، يري المهندس محمد جاد، مستشار محافظ الوادي الجديد للصوب والحرير ، أن زراعة المحاصيل المتنوعة ذات الاستهلاك المحلي العالي، مثل الطماطم والبطاطس وغيرها، تمثل "رافعة قوية" لتحقيق التنمية الشاملة بالمحافظة ، مشيرا إلى أن هذه الزراعات لا تقتصر فوائدها على تلبية احتياجات السوق المحلي، بل تمتد لتشمل استصلاح الأراضي وزيادة الرقعة الخضراء، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الأساسية بجانب توفير فرص عمل للشباب، إضافة إلى إمكانية تصدير الفائض لدعم الاقتصاد الوطني ، مؤكداً بأن بما تمتلكه المحافظة من أراضٍ شاسعة ومياه جوفية، يعزز لديها القدرة على أن تصبح "سلة غذاء" لمصر، مع مراعاة استغلال هذه الموارد بشكل أمثل، واعتماد أحدث التقنيات الزراعية.
وحول الجدوى الاقتصادية والناتج الاستراتيجي ، أوضح الدكتور أيمن كساب، عميد كلية الزراعة بالوادي الجديد، أن "العائد الاقتصادي والاجتماعي" من زراعة المحاصيل المتنوعة يتجاوز مجرد تحقيق الاكتفاء الذاتي، حيث يسهم في خلق "دورة اقتصادية متكاملة" تعود بالنفع على المزارعين وأصحاب الشركات الاستثمارية على حد سواء ، مضيفا بأن هذه الزراعات المستهلكة محليا تساهم في تحسين مستوى معيشة المزارعين من خلال زيادة دخولهم، وتوفير فرص عمل مستدامة للشباب، إضافة إلى توفير منتجات عالية الجودة بأسعار مناسبة للمواطنين ، مشيرا إلى أهمية "الدور البحثي" الذي تلعبه المؤسسات العلمية وذات الصلة بالتنسيق مع الجهات المعنية في توفير الحلول الملائمة للمشاكل الزراعية، وتقديم الدعم الفني والإرشادي للمزارعين، لضمان تحقيق أعلى مستويات الإنتاجية.
من ناحيته ، أكد الدكتور مجد المرسي، وكيل وزارة الزراعة بالوادي الجديد، على "أهمية وعي المزارعين" بضرورة متابعة برامج التثقيف الزراعي، والاستعانة بالخبراء والمتخصصين في مجال الإرشاد الزراعي، واستخدام التقنيات الحديثة لتحصين المحاصيل وزيادة الإنتاجية ، مشيرا إلى أن وزارة الزراعة تبذل جهودًا كبيرة في تنظيم الدورات التدريبية وورش العمل للمزارعين، بهدف نقل أحدث المعارف والتقنيات الزراعية وتوعيتهم بأهمية اتباع الأساليب العلمية فى الزراعة، مشددًا على أهمية إتباع"الطريق الأمثل" لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة والتعاون بين مختلف اطياف المجتمع فى ظل تضافر جهود جميع الأطراف المعنية لتحقيق "نهضة زراعية حقيقية" كالتى تشهدها المحافظة على مدار السنوات الأخيرة.
من جانبه ، أكد محافظ الوادي الجديد، اللواء دكتور محمد سالمان الزملوط، على دعم المحافظة الكامل لمشروعات الشباب الزراعية، واصفًا إياها بأنها "حجر الزاوية في تحقيق التنمية المستدامة والاكتفاء وتوفير فرص عمل للشباب " ، مشيرا إلى أهمية هذه المشروعات نحو تعزيز الإنتاج الزراعي وتوفير الخضروات التي تلبي احتياجات المواطنين، مؤكدًا على تقديم كافة أوجه التيسيرات والتسهيلات اللازمة لإقامة هذه المشروعات الانتاجية ، لتحقيق الاكتفاء الذاتي بالقري على مستوى المحافظة.
أوضح الزملوط ، أن المحافظة تتبنى ثقافة التغيير، وتعمل على توعية المزارعين بأهمية التحول من زراعة المحاصيل التقليدية المستهلكة للمياه، إلى الزراعات غير التقليدية ذات العائد الاقتصادي الأكبر ، مؤكدا على ضرورة هذا التحول لضمان استدامة الموارد المائية، وتحقيق أفضل استفادة من الأراضي الزراعية، مشيرًا إلى توفير الدعم الفني والإرشادي للمزارعين لتبني أحدث التقنيات الملائمة لهذا الغرض.
وحول متابعة نتائج مشروعات دعم الإنتاج وتوفير الخضروات ، أشاد المحافظ بتجربة أسرة "الطبلاوي" بمركز الداخلة، واصفًا إياها بـ"النموذج الملهم لشباب الخريجين من مختلف الأعمار والتخصصات ، مؤكدًا أن هذه التجربة تثبت أن "الإرادة وتعظيم الاستفادة من الخبرات والتجارب العلمية قادرتان على تحويل الأفكار إلى مشروعات انتاجية تدر أرباح جيدة لأصحابها ، مضيفا بأن هذه التجربة لا تقتصر على الإنتاج الزراعي فقط، بل تقدم نموذجًا في الزراعة المستدامة، والمسؤولية المجتمعية، من خلال توفير منتجات ذات جودة عالية بأسعار مناسبة.
هذا ومن المقرر أن تسعى المحافظة لتعميم تجربة "الطبلاوي" على مستوى مراكز المحافظة، مع توفير البيئة الداعمة لتمكين الشباب من تكرار هذه التجربة الناجحة، من خلال توفير التمويل اللازم، والدعم الفني والإرشادي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الخضروات والمنتجات الزراعية، وتحويل الوادي الجديد إلى سلة غذاء حقيقية لمصر.
وختاما يمكننا القول بأن هذه القصة ليست مجرد خبر في صحيفة، بل هي وثيقة تاريخية، تُسجل أسماء أبطال لم يرضخوا للواقع، بل صاغوا حدثا جديدًا فى أروقة التنمية الزراعية نحو الإكتفاء ، وذلك بإصرارهم، وعرق جبينهم، وإيمانهم بأن مصر تستحق الأفضل لتتحول قصتهم إلى نبضٌات حية ، يتردد صداها في أرجاء الوطن، ليذكرنا بأن أرض مصر قادرة على العطاء، وأن شبابها قادرون على الإبداع، إذا ما أُتيحت لهم الفرصة، وتسلحوا بالعزيمة والإيمان.
0 تعليق