في عالم الكلمات، هناك دائماً جزء من النص مفقود، لا يكتب، وإن كُتب لا يُنشر، وإن نُشر لا يُفهم، جزء غير مرئي، لا يمكن التعبير عنه، جزء يظل عالقاً ما بين السطور، لا يراه أو يشعر به إلا من عاش شعوره وجربه، وقد يتركه الكاتب متعمداً، بين الفواصل، أو السطور، أو الحروف، ليواسي به المُتعبين، أو يصور به حال المحبين.

(جزء من النص مولود):

في رحم كل فكرة، هناك نص مولود، نص ينبض بالحياة ويكون محاطاً بأحلام لم تكتمل بعد، كما لو كانت لحظة ولادة أراد الكاتب لها أن ترى النور، مثل هذا النص تماماً، حيث أعتني به ثم يأخذ شيئاً مني حتى يمتلك شخصية وهوية في هذا العالم الأدبي، وأكون أنا أمه التي أحسنت رعايته وتربيته، وصورته أمام العابرين.

(جزء من النص موؤود):

هناك نصوص تموت قبل أن تولد، يوأدها الكاتب بيديه قبل أن ينفخ فيها الروح، فلا يمكن لها أن تكتمل أو تسير، لأنه لم يعطها الفرصة لتعيش، وقرر أن يقتلها عند أول خطوة.

وما أكثر النصوص التي وأدتها بيدي، وكنت قبل أن أفعل أعتقد أنها لفكرة عظيمة، ثم اكتشف أنها لا تستحق النشر.

(جزء من النص مردود):

هل هذا النص الذي أكتبه هو ما أريد قوله بالفعل؟ هذا الجزء هو الشعور الحائر في قلب الكاتب، التي يقف فيه بين نصه وقلمه، يكتب ويمسح، ويبقى الجواب بعيداً يتأرجح على أطراف النص دون أن يقترب.

(جزء من النص مخلوع):

صدقوني؛ في كل نص، وكل حرف، وكل كلمة، وكل جملة، هناك جزء من النص (مخلوع)، جزء لا يقال، ولا يكتب، ولا يمكن الإفصاح عنه، إن أراد الكاتب (خلعه) برضاه، وإن اضطر طاله مقص الرقيب ليجعل في النص مساحة غير مفهومة قد توقع القارئ في متاهة ليحاول بعدها جاهداً الوصول لما بين السطور.

وفي الأخير؛ نحن نكتب، ولكن يظل دائماً هناك جزء من النص (مخلوع)، حتى وإن بدا النص كاملاً وجميلاً، لا بد من ....... كما قلت لكم.